قضايا

آ الأقرع مالك زربان و آ الشتا تاتا تاتا ..نص واحد وليس نصين

عبدالرحيم الشراد

 

" آ الأقرع مالك زربان .. آسيدي كلاني الذبان .. أ سيدي اشري طاقية .. آ سيدي و شحال هي .. آ سيدي برباعية .. آ سيدي غالية اعليا ..

آ الشتا تاتا تاتا .. آ وليدات الحراثة .. آ المعلم بوزكري .. طيب لي خبزي بكري .. باش انعشي وليداتي .. وليداتي عند القاضي و القاضي اللي جاب اخبار .. " . لتفكيك معنى كل هذا الكلام ، كان لا بد و أن أعود إلى مرجعين مهمين و هما ، كتاب " التشوف إلى رجال التصوف " لأبي يعقوب يوسف بن يحيى التادلي (1220م) و كتاب "درة الحِجال في غرة أسماء الرجال " لأحمد بن محمد المكناسي ابن القاضي (1616م) .

شخصيا أصنف هذا النص الذي بين أيدينا ضمن ما تبقى للذاكرة الشعبية من محفوظات كان يلقنها الفقهاء في المسيد للصغار من أجل ترسيخ بعض المعلومات .

قد يقول لي البعض أنني جمعت بين نصين مختلفين . بينما الواقع أننا أمام نص واحد ، لاحظ أن كل المقاطع بدأت بحرف نداء " آ " . إن المَدَّ في حرف الألف هو من أجل إطالة الصوت . و هذا يساعد الأطفال على التغني و إنشاد المحفوظة .

من حقنا أن نتساءل من هو " الأقرع " و من هو "بوزكري " ؟ إنهما شخص واحد . هو الولي الصالح " أبو زكرياء يحيى بن محمد الجراوي المراسني " . يوجد ضريحه بمنطقة الفقيه بن صالح و هو معروف عند العامة بمولاي بوزكري . " الولي الأقرع " . و قد عاش في عهد الدولة المرابطية . يحكى أن الناس كانوا يجتنبونه في الطريق و يتحاشون الإقتراب منه لما يرون عليه من ثياب بالية متسخة . لكن الرجل كان من الذين وهبوا أنفسهم للعبادة . و إن الأهالي لم يدركوا كرامته إلا بعد أن أصابهم القحط و الجفاف فجاؤوا إليه يطلبون الحل . فما كان من الولي بوزكري إلا أن خلع طاقيته من فوق رأسه و ضرب بها الأرض و هو يدعو الله قائلا " يا رب ، هذا الأقرع يسألك الغيث " . 

فكان الفرج حيث نزل الغيث . إن النص ينقسم إلى قسمين . القسم الأول تذكير بسخرية الأهالي من " الأقرع " الذميم الذي كانوا يجتنبونه في الطريق . و القسم الثاني فيه اعتراف بكرامته و توثيق لحادثة طلب الغيث . " المعلَّم بوزكري طيَّب لي خُبْزي بَكْري " أي أن بركة الولي الصالح سيدي بوزكري منذ ذلك الوقت و هي سارية المفعول .

إنها دعوة الرجل الصالح التي تسري على الأجيال . " باش نعشي أولادي و أولادي عند القاضي " , إن القاضي هنا هو الله سبحانه و تعالى الذي يقضي حاجات العباد . " و القاضي اللي جاب اخبار " .. إذا كانت كلمة " القاضي الأولى التي ذكرت تدل على الله سبحانه و تعالى لأنه قاضي حاجات عباده . فإن كلمة " القاضي اللي جاب اخبار " هي إشارة للفقيه و المؤرخ " ابن القاضي " المشهور ب"القاضي" و هو كما قلت في بداية حديثي " أحمد بن محمد المكناسي " صاحب كتاب " درة الحجال في غرة أسماء الرجال " . حيث ذكر في كتابه من بين من ذكر " الولي سيدي بوزكري " . ( عبدالرحيم شراد ) . تحياتي لكل الأصدقاء و الصديقات .