سياسة واقتصاد

الجامعة الوطنية للبناء والاشغال العمومية والوضع المقلق لشركات قطاع المقاولات (وثيقة)

عبد الكبير المامون

وضع مقلق ذلك الذي تعيشه حاليا شركات قطاع المقاولات بالمغرب تفيد الرسالة التي وجهتها الجامعة الوطنية للبناء والاشغال العمومية لرئيس الحكومة الاسبوع الثاني من شهر مارس الجاري وتوصلنا في موقع "كفى بريس" بنسخة منها.

وحسب الرسالة فإن شركات البناء تواجه اليوم أزمة غير مسبوقة مرتبطة بشكل أساسي بالسياق التضخمي الحالي الذي يتميز بالارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الخام وتكاليف النقل ومواد البناء وما إلى ذلك،  وزيادة في تكاليف الإنتاج وتعطيل إدارة مشاريع البناء.  مشاكل التدفق النقدي لهذه الشركات التي أضعفتها بالفعل تداعيات Covid-19 ، تزداد سوءا يوما بعد يوم وتؤدي إلى انخفاض شديد في نشاطها.

و في هذا الوضع الصعب، تجد غالبية الشركات نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه مورديها ، والبنوك ، وما إلى ذلك. وحتى الآن تقول الرسالة " لم تستفد شركاتنا إلا من عدم وجود دعم أو مساعدة من الدولة وتركت لتدبر أمرها بنفسها في هذه الحالة الكارثية التي تنذر بزوال الغالبية منهم، إذا لم يتم اتخاذ تدابير الدعم".

الجامعة الوطنية للبناء والاشغال العمومية طالبت من خلال رسالتها رئيس الحكومة التفضل بالتدخل من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على نشاط الشركات في قطاع البناء والتي تهدف إلى إيجاد مخرج من ارتفاع أسعار المواد أو منح المساعدة للشركات للتعويض عن هذه الظاهرة وهي حالة قوة قاهرة، مع إرشاد مالكي المشاريع بهدف إنشاء نظام خاص ومخصص لمراجعة الأسعار بناءا على الوضع الاقتصادي، و إرشاد مالكي المشاريع بهدف إلغاء جميع الإجراءات القسرية المتعلقة بالمواعيد النهائية للتنفيذ (إشعار رسمي - الإنهاء ضد الشركات - مصادرة الضمانات ، إلخ) مع إصدار تعليمات للبنوك بتأجيل لمدة 24 شهرا فيما يتعلق بسداد المواعيد النهائية لسداد الائتمانات الممنوحة للشركات لضمان الانتعاش الاقتصادي بعد Covid19 و تبسيط شروط وإجراءات منح القروض للشركات العاملة في قطاع المقاولات.

و ختمت الجامعة رسالتها بالقول "إننا نعتمد على دعمكم ، سيدي رئيس الحكومة ، للنظر في طلبنا الذي سيساهم في تخفيف معاناة الشركات وسيتيح حماية قطاع البناء ، الركيزة الأساسية لنسيج الاقتصاد الوطني".

قطاع البناء والعقار بالمغرب يعيش حاليا أزمة خانقة تنذر بعواقب وخيمة على الفاعلين في المجال، وذلك بعد الأزمة التي عاشها القطاع خلال سنة 2020، بسبب تفشي كورونا، وبعد أن استبشر مقاولو البناء خيرا بالانفراج بعد تراجع حدة الأزمة الصحية، يعود قطاع العقار ليغرق في أزمة جديدة بعد تطاير شظايا الحرب في أوكرانيا، والتي ساهمت في ارتفاع الصاروخي لبعض المواد التي تدخل أساسية في عملية البناء.

وحسب الأرقام التي أكدها العديد من مقاولي البناء، فقد شهدت بعض المواد، كالحديد مثلا ارتفاعا تراوح بين 10 و20 في المائة عن السعر الذي كان يتعامل به ساهم فيه إغلاق مجموعة من المصانع الموردة لهذه المادة وهذا الأمر هو الذي رفع من سعر الحديد المستعمل في الإسمنت المسلح من 10 دراهم إلى 11 درهما للكلغ، ليصل لاحقا إلى 12 درهما ثم يستمر في الارتفاع، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 2 دراهم في الكلغ عن السعر المعمول به قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا وبعد أن كانت مستقرة في ما بين 9 و9.5 درهم للكلغ.

أما فيما يتعلق بحديد الخردة المستعمل من قبل غالبية الفاعلين، فقد شهدت أسعاره ارتفاعا ملحوظا، إذ انتقل من ما بين 2600 و2700 درهم للطن الواحد، ليصل سعره اليوم إلى ما بين 4200 و4500 درهم للطن الواحد.

ويعود هذا الارتفاع إلى ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي، إذ انتقل من 250 أورو ليصل 500 أورو وهو ما يمثل الضعف، الأمر نفسه بالنسبة للخشب والإسمنت الذي شهد بدوره ارتفاعا كبيرا، أما الآجور فارتفع بدوره ويصل سعره الآن في السوق الوطنية إلى 2 دراهم بعدما كان لا يتعدى 1,2 درهم للأجورة الواحدة.

أمام هذا الارتفاع الصاروخي للأسعار في قطاع البناء، يطرح السؤال حول مصير مقاولي البناء الصغار الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة التعاقدات التي التزموا بها مع المنعشين العقاريين والتي تخص عددا من الأوراش قبل انفجار أسعار مواد البناء، وبين الأسعار الصاروخية التي تكبدهم خسائر يومية يستحيل معها الوفاء بما بذمتهم.