على باب الله

مائة يوم من عمر الحكومة

المصظفى كنيت

توشك مائة من عمر الحكومة على الانتهاء، وهي أصغر مهلة تُمنح لأية سلطة تنفيذية من أجل تقييم حصيلتها، في رحلة تستمر على خمسة سنوات، ما لم تقع حوادث سير، منحتها إياها صناديق الاقتراع ومقتضيات دستور المملكة.

و بالرغم من أن الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، لم يكن مرحبا بها مائة بالمائة، وأن تحالف الأغلبية، ترك خارج الصفوف معارضة صغيرة أنهكها حمل الحقائب الوزارية على مدى عشر سنوات (  العدالة والتنمية) وأزيد من عشرين سنة ( الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية)، و أختار الاتحاد الدستوري ( الذي يسكن في شقة الأغلبية) أن ينسحب من صفوفها ( المعارضة) طواعية، فإنها، على الأقل، شرعت في تنفيذ بعض برامجها، و انخرطت خاصة، في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، الذي هو مشروع ملكي صرف، لكنها في نفس الوقت، تنصلت من العديد من الوعود الانتخابية، كإدماج الأساتذة المتعاقدين ( الاستقلال)، والزيادة في أجورهم ( التجمع الوطني للأحرار)، والرفع من أجور أطباء القطاع العام، هذا من دون  إغفال تسقيف سن اجتياز مباريات الأطر التربوية ( التوظيف بالتعاقد على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين).

وبالموازة مع ذلك، عجزت الحكومة عن الحد من ارتفاع أسعار السلع والبضائع، و انضمت معركة "زيوت المائدة" إلى حرب " المحروقات"، وأحيانا يتفنن بعض الوزراء في إيجاد المبررات "الكاذبة" أو المصوغات التي لا تنطلي على أحد في تفسير رؤيا الأسعار من دون حاجة إلى "تفسير الأحلام" لابن سيرين، مادام من بين أعضائها من يستطيع معرفة ألوان جوارب (التقاشر) المواطنين، لما سُخر له أو هكذا شُبه له.

و قد تسعين الحكومة، أحيانا أخرى بالتحليل النفسي، فتعد مرة بحذف الساعة الإضافية، و مرة بالإقرار رأس السنة الأمازيغية من دون أن يتأتى لها ذلك، في لعبة سمجة.

ويبدو أن وعود الحكومة ذهبت أدراج الرياح، لأن حارس أختام الميزانية، يبصر بما لا تبصر به الحكومة، لذلك جاء إقرار زيادات ضريبية جديدة على الآلات الإلكترونية والتجهيزات المنزلية والسجائر مع إعفاء الجعة والخمر والمشروبات الروحية من أية زيادة... غير أنه، في نفس الوقت، جرى التراجع عن الضريبة التصاعدية على الشركات لأسباب غير مقنعة، و عجلت الحكومة بضخ 13 مليار درهم في أرصدة المقاولات في إطار استرجاع الضريبة على القيمة المضافة، هكذا دفعة واحدة.

و في تاريخ هذه الحكومة، تحققت أسرع استقالة لوزيرة، و صدرت أغلب القرارات المتعلقة بتدبير جائحة "كورونا" تحت جنح الظلام، قبل أن تُلجم "اللجنة العلمية" قرارت الحكومة، التي كانت لا تستقيم أحيانا مع "الوضع الصحي".

و لا يكاد المواطنون يسمعون صوت رئيس الحكومة، عزيز أخنوش إلا لماما، فهو لا يظهر إلا عن بعد، ولا يطلع الرأي العام عن عمله إلا بالبلاغات وصور المحادثات المرئية.

و باستثناء الحركات التسخينية لبعض الوزراء، الذين يوزعون الابتسامات و يقومون بجولات مارطونية، حتى لو اقتضى ذلك استئجار طائرة خاصة، فإن عددا من أعضاء الفريق الحكومي يعوزهم الحماس، وذب الفتور في عظامهم بعد أن تسربت لها برودة المقاعد، بعدما تبين لهم أن "الخبزة" لا تكفي لملء كل الأفواه الجائعة،  حتى ولو تم فتح مئات الأوراش، وتم تسليم مفاتيحها لجمعيات المجتمع المدني والمقاولات في إطار تعاقدات، قد تتحكم فيها الحزبية الضيقة والمحاباة والمجاملة، وقد تصبح وسيلة للاستقطاب الحزبي و تسقط في وحل الريع كما يحدث دائما، لأنه على رأي المثل: " صدقة صدقة في المقربين أولى".