رأي

عائشة الكلاع: عندما يدحض القانون "مغالطات" المعطي منجب

يمعن المعطي منجب وجميع المحيطين به في الإسراف في الجهل بالقانون والإفراط في ترويج المغالطات والأراجيف. ورغم أن الرأي العام قد اطلع بتاريخ 2021/10/15 على قانونية ومشروعية قرار إغلاق الحدود في مواجهة المعطي منجب، بالحجة والوثائق والدليل، إلا أن “كبير المغلطين” عاد مرة أخرى من خلال تدوينة جديدة للرد على بلاغ وكيل الملك بالرباط، تتضمن المزيد من الجهل بالقانون ويستشف منها بأن هذا الأخير لم يطلع ترجيحا على الوثائق التي كشفها بلاغ وكيل الملك، أو أنه يحاول تغليط الرأي العام بعدما انفض العديد من حوله من الحقوقيين بعدما كشفت الوثائق المنشورة زيف ادعاءاته.

والوثائق التي نشرها وكيل الملك بالرباط، تكشف بما لا يدع مجالا للشك قانونية المساطر التي نفذت لتطبيق قرار إغلاق الحدود وسحب جوازي السفر المغربي والفرنسي للمعطي منجب. وأول هذه المغالطات هي أن أمر الإفراج المؤقت الصادر عن قاضي التحقيق بالغرفة الأولى لدى المحكمة الابتدائية بالرباط قد استند على المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية وليس المادة 160 من القانون نفسه، كما يحاول أن يوهمنا “المغلط الكبير”.

وثاني هذه المغالطات، هي أن الأمر الصادر عن قاضي التحقيق المؤسس على مقتضيات المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية لم يحدد المشرع بشأنه أية شكليات ينبغي احترامها عند الأمر بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر.

وثالث المغالطات في سياق هذا النزيف من التطاول بجهل على القانون، هي أن قاضي التحقيق أمر بتبليغ قرار الإفراج المؤقت وتنفيذه وفق الشكليات المنصوص عليها في المادة 168 من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما يعزز ويعضد أن تدوينة المعني بالأمر لم تكن سوى رجع صدى يردد المغالطات وينضح بالمظلومية.

وبلغة القانون وليس الأراجيف، فالأمر الصادر عن قاضي التحقيق جاء فيه: “نأمر بتمتيع المتهم المعطي منجيب بالإفراج المؤقت ما لم يكن معتقلا لأجل سبب آخر مع اتخاذ قرار إغلاق الحدود وسحب جواز السفر في حقه طبقا للمادة 142 من قانون المسطرة الجنائية”.

وأردف هذا الأمر بالتنصيص على ما يلي: “نأمر بتبليغ هذا الأمر حالا إلى المتهم المعطي منجيب وإلى دفاعه وإلى النيابة العامة وفي نفس يوم صدور الأمر”. وختم قاضي التحقيق بما يلي: “تقديم جواز سفره أمام مصلحة الشرطة القضائية مقابل وصل يتضمن اسم المتهم وباقي البيانات المنصوص عليها في المادة 168 من قانون المسطرة الجنائية ونعهد بتنفيذ هذا الإجراء إلى السيد رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء مع إخبارنا بما يثبت ذلك”.

ونصت أيضا المادة 143 من قانون المسطرة الجنائية على أن “الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق نافذة المفعول في جميع أنحاء المملكة”. والمعطي منجب عندما عنون تدوينته بـ”تغليط كبير للرأي العام”، إنما ارتكب هو شخصيا، أو من يكتب له من وراء الستار، أخطاء فادحة في الاستناد إلى مواد في القانون لا علاقة لها بقضيته في حين تغافل فصولا متشددة ضد ما أقدم عليه عند محاولته مغادرة التراب الوطني.

وأول هذه المواد التي تحدد شكليات إغلاق الحدود نجد المادة 182 من قانون المسطرة الجنائية. فالفقرة الأولى من المادة 182 من ق م ج تشير إلى أنه: “إذا ظل المتهم في حالة سراح أو إذا أفرج عنه إفراجاً مؤقتاً أو غير مقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية، فإن هيئة التحقيق أو الحكم التي اتخذت القرار تبقى وحدها مختصة في تقرير إغلاق الحدود في حقه وسحب جواز السفر، كما يجوز لهيئة التحقيق وهيئة الحكم إذا رأت ذلك ضرورياً أن تعين له محل إقامة يحظر عليه الابتعاد عنه دون رخصة قبل اتخاذ أمر بعدم المتابعة أو صدور قرار اكتسب قوة الشيء المقضي به”. وهنا فإن “كبير المغلطين” خرق القانون بمحاولته الابتعاد دون رخصة. وهو ما يعرض منجب لعقوبات نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة نفسها بما يلي: “يعاقب كل من تملص من إحدى الالتزامات المبينة أعلاه بحبس تتراوح مدته ما بين ثلاثة أشهر وسنتين وبغرامة يتراوح مبلغها ما بين 1.200 و12.000 درهم.

وفي المحصلة، يظهر أن المعطي منجب، أو من يهمس له في القانون بجهل وبكثير من السطحية، إنما مارس الانتقائية في نصوص التشريع الوطني، وتحديدا في قانون المسطرة الجنائية، بحيث اختار ما يصلح له من مواد واستبعد النصوص التي تنطبق على حالته، وكأن لسان حاله يمعن في السعي لممارسة التغليط الخطير للرأي العام.

ويبقى حريا بالمعطي منجب أن يستنكف هذه المرة عن التدثر برداء الضحية ولعب دور المظلومية، لأن الضحية الحقيقية لا تدير العشرات من الحسابات البنكية في الداخل والخارج، ولا تملك الأوعية العقارية التي تتنوع ما بين المخصصة للفلاحة وتلك الصالحة للاستثمار العقاري كما تشير لذلك تقارير إعلامية. كما يستحسن أيضا بالمعطي منجب أن يقارع القانون بالقانون وليس بالكذب والتحايل والتدليس، لأن من يوفر له المشورة في هذا الصدد لا يملك من القانون سوى أنه “كيزيد فيه” كما يقول المثل المغربي العامي القائل “واش كتفهم في العلم قالوا كنفهم نزيد فيه”.

وفي تفاعل مع هذا الموضوع، يرى العديد من المهتمين بالشأن الحقوقي بأن اختيار منجب الخروج في هذا التوقيت وعبر تدوينات في الفضاء الافتراضي تتغذى من خطاب المظلومية ولعب دور الضحية ليس بريئا، وإنما قد يكون مجرد محاولة مفضوحة للابتزاز وكسب تعاطف بعض التنظيمات التي بدأت تبتعد عنه بعدما أدركت إمكانية استغلاله للتمويلات الأجنبية لشراء عقارات باسمه وباسم مقربين منه.