رأي

عبد الغني القاسمي: القضايا الأساسية و مناورة التعتيم

السؤال الذي يفرض نفسه و يؤرق الرأي العام الوطني في الظروف الحالية، هو: كيف أصبحت بعض المواضيع الثانوية  تحتل الصدارة في بعض وسائل التواصل الاجتماعي وخطابات أحزاب معينة و تنظم بشأنها الندوات و المحاضرات واللقاءات ؟

مواضيع أقل ما يقال عنها أنها تسعى الى الهاء المواطن عن ايلاء اهتمامه للقضايا الوطنية الأساسية، التي تخص حاضره ومستقبله والتي تمسه في حياته اليومية كبطالة الشباب و(...) التعليم والصحة وعدم تكافؤ الفرص  والفساد الاداري المتجلي بوضوح في الرشوة و المحسوبية والزبونية و و..

لا يمكن  بطبيعة الحال التعتيم على كل تلك القضايا وغيرها نظرا للعجز الحاصل في ايجاد ولو نصف حلول لها حتى لا تزداد استفحالا، كما لا يمكن اعتبارها قضايا لا ترقى الى موضوع جعل منه البعض موضوع الساعة وهو موضوع الحريات الفردية (وبصريح العبارة الجنسية) الذي يحاول دعاته تعبئة فئة من المجتمع للدفاع عنه بحماس وروح "نضالية" وكأن كل مشاكل البلاد قد حلت ولم يبق الا هو.

ان القضايا الوطنية الأساسية تتعرض لمناورة التعتيم عليها واللامبالاة، بفعل اكتساح موضوع الحريات الفردية عدد من المنابر الاعلامية وردهات أحزا ب ومنظمات وجمعيات لا هم لها سوى الترافع عن الحق في ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج باعتبار أن المرأة والرجل يملكان حرية التصرف في جسدهما وعلاقتهما الرضائية وحدها هي التي تتيح لهما الممارسة الجنسية بكل حرية  ولا أحد له الحق في محاسبتهما على ذلك..

وهناك الحق في المثلية الذي يجب أن يقنن مثلا بالاتفاق على عقد يمكن أن يكون طرفاه الرجل مع الرجل أو المرأة مع المرأة، كما أن هناك حق آخر لا يقل جرأة عن سابقيه ويتعلق بعذرية المرأة وعدم الربط بين شرفها وبكارتها،  وفي هذا السياق يتحتم مراجعة القانون الجنائي – حسب هؤلاء - لتحذف منه الفصول التي تجرم كل تلك الممارسات وتعاقب عليها بالسجن و الغرامة..

وأختم بسؤال اضافي له أهميته : هل تناسى المدافعون عن حرياتهم الفردية أننا مجتمع له دينه و قيمه و تقاليده ؟  وما يدافعون عنه  ليس شرطا للعيش في ظل الحداثة و بناء مغرب قوي و مزدهر و متفتح على العالم وأمامه تحديات سياسية واقتصادية ومعيشية واجتماعية ، أي هناك ما هو أهم ويجب التركيز عليه في النقاش العمومي.