على باب الله

حين ينتصر ثقل الكفاءة على ريع السياسة

المصطفى كنيت

أخيرا خرجت الحكومة من رحم الأحزاب من دون أن تتاح لها فرصة تحويل الحقائب الحكومية إلى "غنائم"، والمناصب إلى ريع مع قليل من الاستثناءات، لن نذكرها بالاسم، غير أن المتابع، قد يعرفها بالفِرَاسَة أو الفطرة أو هما معا.

ولم تعرف المشاورات أي " بلوكاج"، إلا ما كان من بعض تصريحات عبد اللطيف وهبي، الذي كان متذبذبا بين الإصرار على  الاستوزار  ورفض الوزارة.

و أظهرت التشكيلة الحكومية أن قارِئة الفنجان و قراء الطالع، خانتهم "شياطينهم"، و فشلوا في اِستراق السمع، و ظلوا أسرى لترويج أسماء الراغبين في قراءة أسمائهم في لوائح الوزراء، أكثر من تتبع مسار المشاورات عن قرب، فكانوا، في غالب الأحيان، ضحية "الكذِب" السياسي.  

لكن الخميس، خاب أمل الكثيرين، و عادوا بخفي حنين الى بيوتهم، وليس من فاس بظهائر التعيين.

ولا شك أن ما يميز التركيبة البشرية للحكومة هو ثقل الكفاءة، و ليس عبء السياسة، لذلك، لا عجب من أن يكثر النحيب داخل الأحزاب، رغم أن تلك الكفاءات تنتمي إلى عائلتها، من دون أن تخوض مع الخائضين في السباقات الانتخابية التي لا تحتاج إلى الكفاءة بقدر ما تتطلب الوجاهة التي يصنعها المال أو القبيلة ... والبقية معروفة.

وتحتاج هذه الكفاءات إلى ما تشتغل عليه، لأن ليست مهمتها هي الزيادة في أجور المتعاقدين أو إدماجهم أو رفع رواتب الأطباء أو دفع تعويض للذين لا تقاعد لهم، فتلك معضلة من التزم بذلك على رؤوس الأشهاد، وعلى رأي المثل: "اللِّي دارْها بِدِيه يْفْكْها بْسْنِيهْ".

وستكون أمام هذه الكفاءات الفرصة لتنزيل أوراش كبرى على أرض الواقع ( الحماية الاجتماعية/ الانتقال الطاقي....)، ولا تَعوز القدرة هذه الكفاءات لتحقيق هدف بناء نموذج تنموي جديد، شريطة أن لا يصيبهم "مرض" السياسة، بمفهومها الضيق، الذي يُغلب مصالح الأشخاص والأحزاب عن مصالح الوطن.