قضايا

الأحرار والاستقلال بين التحليق الحر وميزان اليومي

عبد العزيز بنعبو

انتهت مرحلة عسل الوعود الانتخابية، التي كانت تخرج سلسة من فم الواعد، ويستقبلها الموعود الذي هو المواطن بكثير من الامل. ولم يبق امام الجميع سوى تنفيذ التعهدات والالتزامات،  خاصة تلك المرتبطة بشكل مباشر بالمعيش اليومي للمغاربة.

بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي فاز في الانتخابات وتصدر المشهد، فقد كانت وعوده مباشرة أكثر وترجمت إلى أرقام وإحصائيات، شملت زيادات في الرواتب وتخصيص دعم مالي لبعض الفئات الهشة وتوفير فرص الشغل للشباب.

تلك وعود لا يمكن إدخالها في باب "حديث الصينية"، أو حماسة الحملة الانتخابية، بل هي وعود يبدو أن حزب الحمامة خصص لها حيزا مهما من تفكيره في صياغة ما يراه مناسبا لخوض غمار المنافسة وبشكل غيّر الخريطة السياسية التي لفظت "البيجيدي" بعد عشرية راكمت غضب واستياء المغاربة من وزراء "المصباح" خاصة.

حزب آخر سار في درب الوعود المباشرة، وهو حزب الاستقلال الذي أطلق الكثير من الأرقام بدوره والإحصائيات، وتعهد بالكثير في حالة فوزه، وهو اليوم رقم 3 في معادلة تشكيل الحكومة المقبلة، بمعنى أصح هو "كاين" في الحكومة.

لكن الاكثر إثارة في وعود الاحرار والاستقلال، هو استهداف شريحة مهمة من المجتمع المغربي، عاشت وتعيش على صفيح ساخن من الاحتجاجات، هي أسرة التعليم.

فمن جهته أطلق عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، خلال تقديم برنامج حزبه الانتخابي، وعدا بزيادة في اجور الأساتذة ( المبتدئين او المتعاقدين) بمبلغ 2500 درهم.

اما نزار بركة الامين العام لحزب الاستقلال، فقد كان أكثر جرأة إن صح التعبير، عندما كرر مرارا،  انه سينهي نظام التوظيف بالتعاقد، وهو ما يحيل مباشرة على أنه سيلحق الأساتذة بالوظيفة العمومية.

وعود كل من الاحرار والاستقلال، كانت محط انتقاد من طرف بعض المتتبعين للشأن السياسي، فمنهم من اعتبرها مزايدة انتخابية، ومنهم من اعتبرها صعبة التحقيق، وفريق ثالث قال إنها مجرد "حديث الصينية"..

لكن تشبث قيادات الحمامة والميزان بالوعود السالفة الذكر، يفيد معنى واحد، وهو أن في جعبة البرنامج ما يفيد بإمكانية التحقيق والتنفيذ وإخراج الوعد من درج الحماسة الانتخابية إلى أرض الواقع، رغم التحفظات الكبيرة لوالي بنك المغرب، على تلك الوعود بعبارته الشهيرة...

الاكيد أن استهداف أسرة التعليم من طرف الأحرار والاستقلال، هو استهداف لفئة تعتبر نفسها مظلومة في المنظومة الوظيفية المغربية، ناهيك عن أن قطاع التعليم من أكثر القطاعات سخونة بالنظر إلى العدد الكبير من المحطات الاحتجاجية التي خاضتها بكل فئاته وتخصصاته، حتى المدراء احتجوا..

باختصار فقد نجحت الوعود في أن تكون صناديق الاقتراع لفائدة من اطلقوها، فهل سيكون الواقع صنوا لما قيل في المهرجانات الخطابية، وما تمت صياغته في البرامج الانتخابية..؟

 الأيام بيننا طبعا وكلنا امل في أن تكون النتائج مفرحة على قدر تحريك عواطف المواطنين..

تبقى الإشارة هنا، إلى أن عددا من المحللين اكدوا أن ما ميز محطة 8 شتنبر، هي تلك الأرقام التي ساقتها الاحزاب في برامجها الانتخابية، أرقام هي تعهدات والتزامات اكثر منها لحظة "بوليميك" سياسي وديباجة في فن الخطابة، إنها مسألة معيش يومي يلمسه المواطن بشكل مباشر وهو ما يحيل على حجم المسؤولية التي رضي الأحرار والإستقلال تحملها طواعية، و يجب على " البام" ان يتحملها إذا ما "رضي" بتأكيد الانضمام للأغلبية، لكن بدون شروط مجلس وطني، اجتمع بأقل من 10 في المائة من أعضائه، و لم تمنح الكلمة فيه،  للمعارضين لاستوزار امينه العام، عبد اللطيف وهبي.