قضايا

حين رد المغاربة على دعوات مقاطعة الانتخابات بنسبة 50.35 في المائة من المشاركة

عبد العزيز المنيعي

تكفلت نسبة مشاركة المغاربة في انتخابات 8 سبتمبر والتي تجاوزت 50 في المائة، بالرد على الدعوات المبحوحة التي علت بها أصوات مثل الإرهابي محمد حاجب ووالد ناصر الزفزافي المدان في احداث التخريب التي شهدتها الحسيمة، وأعضاء من جماعة العدل والإحسان..

هذه النسبة المرتفعة ومعطيات اخرى،  أسدلت الستار على الدعوات العدمية التي أطلقها السالف ذكرهم، إحصائيات وأرقام تؤكد ان محطة الثامن من سبتمبر كانت ناجحة بكل المقاييس، على مستوى المشاركة التي بلغت 50.35 في المائة، وعلى مستوى الترشيحات وتشكل خريطة سياسية جديدة بعد هزيمة البيجيدي، ناهيك عن معطيات اخرى هامة وأساسية منها نسبة حضور المرأة في الاستحقاقات إلى جانب الشباب أيضا، كما أن الأشخاص في وضعية إعاقة بسطوا أرقامهم وكشفوا عن عدد المرشحين الذي تجاوز بثلاثة أضعاف ما تم تسجيله في انتخابات 2016.

نحن امام المعطيات الواقعية وليس أمام التدوينات والتغريدات ومقاطع الفيديو، نحن أمام مؤسسات الدولة وجمعيات المجتمع المدني ومنظمات دولية كانت حاضرة في هذه المحطة بصفة ملاحظ.

نعود من حيث بدأنا إلى تلك الدعوة التي أطلقها "حاجب" في يوتيوب عبر شريط فيديو كعادته من "حصنه" بألمانيا، وحاول جاهدا أن "يحرض" المغاربة الشرفاء على مقاطعة الانتخابات، وفي الفيديو نفسه أجزل المديح لزعيم المرتزقة المدعو "غالي".

بالنسبة لـ "حاجب"، فإن كل من يصوت فهو "شماتة" وفق التعبير المغربي الذي يحيل على ناقص الرجولة وناقص الشهامة، فكان أن بادرت والدته إلى صفعه بشكل مباشر عبر ترشحها للانتخابات تحت مظلة حزب الأصالة والمعاصرة..

تلك كانت نهاية حزينة جدا ومأساوية لهذا الشخص الذي أراد من المغاربة أن يقاطعوا التصويت فترشحت والدته، بل فازت بمقعد لها..

ويجب هنا التوقف قليلا، عند ذلك المديح والدفاع الذي أظهره "حاجب" عن المدعو "ابراهيم غالي" زعيم المرتزقة، نشير ببساطة أولا إلى أن الطيور على أشكالها تقع، وثانيا نحيل صحاب "القصيدة الغزلية" في كبير المرتزقة، على أرقام ونسب مشاركة المغاربة في الأقاليم الجنوبية.

وبلغت نسب المشاركة في انتخابات ثامن شتنبر بالأقاليم الجنوبية، 66,94 في المائة في جهة العيون – الساقية الحمراء، و63,76 في المائة بجهة كلميم-واد نون، و58,30 في المائة بجهة الداخلة-واد الذهب. وتجاوزت هذه الجهات الثلاث للأقاليم الجنوبية للمملكة، بشكل كبير.

من "حاجب" إلى "أحمد الزفزافي"، الذي نشر تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يدعو فيها بدوره إلى مقاطعة الانتخابات، ولن نورد هنا الكلمات التي نسجها في تدوينته المذكورة، ونكتفي بالقول إنها تغريدة خارج حتى سرب "تافزا" التي يبدو أنها تعيش حالة انفصام بعد الشكاوي العديدة من بعض أعضائها لهيمنة والد ناصر الزفزافي على القرار وأشياء اخرى..

والحديث عن جمعية "تافزا"، يعيدنا إلى اللايف الذي كان قد بثه أحمد الزفزافي، يعلن فيه استقالته من أي عمل جمعوي، وانه سيدافع عن ابنه فقط وحده ولا يريد أن يكون مع المجموعة.

لايف والد ناصر الزفزافي، جاء بعد فضيحة التدوينات الفيسبوكية، التي كشفت المستور وعرت على حقيقة "الحراك" والاغتناء على ظهر المعتقلين من طرف البعض وخاصة أحمد الزفزافي.

وكانت التدوينات واللايفات عبارة عن تعرية حقيقة لما يروج في كواليس "المدافعين" عن معتقلي احداث الحسيمة، كواليس تضج بالتآمر والتلذذ بكسب الاموال من قضية تم تسييسها كما ورد في تدوينات هاجمت "الثلاثي الخطير".

وكانت قضية زوجة المجاوي ومحاولة إدخال المخدرات لزوجها إلى سجن طنجة 2، هي القشة التي قصمت ظهر بعير "تافزا" وما جاورها من جمعيات تدعي دفاعها عن المعتقلين، وبينها يندس من يدافع عن جيبه ورصيده في البنك، ويحاول النيل من الوطن.

التدوينات واللايفات التي فضحت وعرت حقيقة أحمد الزفزافي ومعه فريد أولاد الحسن وآخرين، طالبت الدولة بفتح تحقيق مباشر مع أحمد الزفزافي وناصر الزفزافي، وعن مواردهما المالية الكبيرة التي تصلهما من جهات مختلفة.

وأوضح نوفل المتوكل في لايف بثه عبر مواقع التواصل الإجتماعي، أنه يتوفر على لائحة بأسماء هؤلاء الذين يرسلون المال، وعلى رأسهم القرطاسي وشايب الراس، وهما مبيضا أموال معروفان بالديار الهولندية، ويقومان بجمع المال لأجل ما يسمى "الحراك" والمعتقلين، في حين لا يتوصل بكل ذلك سوى والد الزفزافي ومن هم في محيطه.

هذه المعطيات الثابتة تفيد معنى واحد ووحيد، وهو أن احمد الزافزافي بات يغرد خارج السرب، وصوته لم يعد يقنع حتى المقربين السابقين منه، بالأحرى أن يسمع المغاربة دعوته لمقاطعة محطة شارك فيها المواطنون بحرية ورغبة في التغيير والتعبير عن مواقفهم من خلال صناديق الاقتراع وليس من خلال فيديوهات في المانيا او تدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي..

وحتى يكون الختام مسك، نورد هنا إحصائيات دقيقة حول الاستحقاقات التي عاش المغرب نجاحها في الثامن من شتنبر، ورسخت الممارسة الديمقراطية في المملكة.

وأول ما نستعرضه أمام "حاجب" و"الزافزافي" وغيرهما القلة، في هذه الجولة الديمقراطية، هو حضور الملاحظين في انتخابات 8 سبتمبر.

وبلغ عدد الملاحظين، 5020 ملاحظا، 4323 منهم ينتمون إلى جمعيات المجتمع المدني، و568 تابعون للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى 129 ملاحظا أجنبيا، قاموا بتغطية كافة عمالات وأقاليم المملكة.

ومن رحابة الملاحظة، إلى جولة فسيحة في احصائيات الهيئة الناخبة، حيث بلغ عدد الناخبين الجدد ما مجموعه مليون و806 ألف و724 ناخب، لتصبح الهيئة الناخبة الوطنية محددة في 17 مليون و 509 ألف و316 ناخبا، مشيرا إلى إحداث 40 ألف و628 مكتبا للتصويت يؤطرها حوالي 4000 مكتبا مركزيا، (بمعدل 10 مكاتب تصويت لكل مكتب مركزي) وذلك بهدف تقريب صناديق الاقتراع من الناخبين.

ويكفينا أن نمنح تلك الأصوات النشاز لحظة تأمل في ما عرضناه عليها من معطيات لا علاقة لها بالتخمين والتدوين في مواقع التواصل الاجتماعي أو بث فيديوهات في يوتيوب، إنها مؤسسات دولة وجمعيات مجتمع مدني شاركت في كل تفاصيل المحطة الديمقراطية الناجحة التي عاشها المغرب في الثامن من شتنبر وشهد بها العالم دون مبالغة أومزايدة..