على باب الله

"لي بغا الݣراب تيصحبوا في الليالي"

المصطفى كنيت

عمودية فاطمة الزهراء المنصوري لمراكش، ليست مجرد رجوع لمنصب غادرته قبل 6 سنوات، او عودة لتدبير الشأن المحلي لعاصمة النخيل، لكنه مؤشر ايضا على ان حزب الاصالة و المعاصرة مرشح بقوة للبقاء في خندق المعارضة، بغض النظر على التوتر، الذي يطبع علاقة امينه العام عبد اللطيف وهبي برئيس الحكومة المعين، عزيز أخنوش، لسبب بسيط، هو ان فاطمة الزهراء المنصوري، رشحتها احاديث " الصالونات" بقوة  لرئاسة مجلس النواب، غير ان موقع الحزب، ربما، فرض ان تكتفي بالعودة إلى هذا الموقع ( العمودية)، و " كفى الله المؤمنين شر القتال".

سياق التحالفات، لا تفرضه الرغبات، ولا حسن النوايا، و لا رفع كل الخطوط الحمراء، التي تدبجها البلاغات، التي تخفي اكثر مما تفصح، و تلجأ غالبا إلى رونق الكلمات ولغة المجاملات.

إنها ( البلاغات) مجرد "صواب"، لا تطمر عداوة، كما في المثل الشعبي، و لكنها، في الوقت نفسه، لا توزع الود، بل تجس النبض.

ورغم الحماس الذي يبديه حزب " البام" للمشاركة في الحكومة، و دعوته المجلس الوطني للانعقاد للتصويت على قرار جاهز، علما ان هذا الجهاز لم يجتمع بعد المؤتمر الاخير حتى لانتخاب اعضاء المكتب السياسي، فإن المنطق يقتضي  ان يحافظ " البام" على حد ادنى من الانسجام مع مضامين بلاغ التحالف مع " البيجيدي" في يوليوز الماضي، وان لا يترك المصباح مطفأ وسط ظلام المعارضة.

فإذا كان إلياس العماري رفض المشاركة في حكومة الإسلاميين في 2016، رغم حلوله ثانيا في الانتخابات، فإن وهبي أرسى قواعد تقارب متين استعدادا للتحالف معهم في 2021، اعتقادا منه انهم احد فرسان السباق، الذين يحب المراهنة عليهم عملا بالمثل الشعبي القائل: " لي بغا الݣراب تيصحبوا في الليالي"،  غير ان الفرس خارت قواه، و قراب الݣراب صارت بلا قطرة ماء.

اليوم يريد " التراكتور" اخذ نصيبه من الحقائب الحكومية، بمبرر ان الحزب قضى 12 سنة في المعارضة، و هي مدة قصيرة  مقارنة مع ما قضاه الاتحاد الاشتراكي (مثلا) في هذا الخندق منذ الميثاق الجماعي 1976 الى غاية 1998، من دون احتساب ما سبق، وذلك بعد ان تخلص " البام" من الهوية الايديولوجية التي تأسس عليها، و تأسف الكثير  من قيادييه الأولين على ما اصابه من " انحراف"، ليس لأنه يمتلك رؤية استراتيجية للمستقبل، بل لأن الكثير من قيادييه الذين شاخوا يريدون نصيبهم من "الغنيمة" الحكومية، و الجاه الوزاري، قبل ان  يصلوا الى "سن اليأس" السياسي.

هذا هو السبب الوحيد الذي يحرك " الجرار"، الذي لا يرى في المعارضة مهمة "نبيلة" منحها دستور 2011  مكانة تفضيلية تكسبها حقوقاً، تمكنها من الرفع من نجاعة أدائها، بل مجرد تعطيل  للمصالح و هدر للجهد الانتخابي.