على باب الله

طاجين الحمام

المصطفى كنيت

اغلقت مكاتب التصويت أبوابها وسط ترقب انتهاء عملية الفرز و الاحصاء لإعلان نتائج انتخابات ( جماعية و برلمانية) تميزت حملتها الانتخابية بتوزيع المطبوعات و الوعود، و احيانا، الاموال.

و تمنح التوقعات، على صفحات التواصل الاجتماعي  حزب التجمع الوطني للأحرار تصدر النتائج، لكنها في نفس الوقت لا تمنح رئيسه عزيز أخنوش، رئاسة الحكومة، و ترشح وجها من الحزب نفسه لشغل هذا المنصب في شخص  محمد بنشعبون، وزير  الاقتصاد و المالية الحالي، الذي قدم إلى المنصب من مجموعة البنك الشعبي للمغرب، و هو ما لا يتعارض مع الفصل 47 من الدستور.

سيحدث هذا إذا ما تحقق هذا السيناريو، و ما لم تحدث اية مفاجأة،  تجعل العدالة و التنمية يحافظ على موقعه او الاستقلال يصعد نجمه، اما حزب الاصالة و المعاصرة، فلن يبرح " مكانه" في احسن الاحوال.

باقي الاحزاب تكتفي بالمشاركة في الانتخابات من باب تشكيل فريق نيابي و الحصول على بضعة حقائب وزارية، و ليس لديها طموح لرئاسة الحكومة، لما اصابها من الشيخوخة والوهن ( الحركة الشعبية، الاتحاد الاشتراكي، الاتحاد الدستوري) بسبب عجزها عن تجديد النخب، و افتقار زعاماتها للقدرة على الإقناع و اجترارها لخطاب مستهلك.

اما التقدم و الإشتراكية والاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار، فتبدو أحزابا بدون تمدد اجتماعي، و امتداد ايديولوجي، و هي اقرب الى رأس بلا جثة، اما البقية المتبقية، فلا تعكس اي تنوع فكري أو اختلاف برنامجي بقدر ما تعبر عن نزوعات شخصية و ضغائن وأحقاد لأنها جميعها نضجت على نار الانشقاقات، بمشاريع مستنسخة و رموز مختلفة، لا تمنح اي تميز.

و لنعد الى بيت القصيد،  رئاسة التجمع الوطني للأحرار للحكومة، تقتضي ان يعمد الحزب الى تذويب الكثير من الترسبات مع باقي الأحزاب، و التي تراكمت منذ تولي اخنوش رئاسة الحزب في 29 من شتنبر 2016.

و يرى العدالة والتنمية  في اخنوش  معرقلا لكل المبادرات الحكومية التي لا تخدم مصالحه السياسية، فعوض ان تجني كل مكونات الاغلبية ثمار التحالف الحكومي، الناضج منها والفاسد،  عمل اخنوش على الاستحواذ على الناضج منها  لوحده، و القى بالباقي في سلة الحلفاء، ما جعل اي تحالف معه يفتقد لعنصري الثقة و الاطمئنان باستثناء الاتحاد الاشتراكي، المدين له بإدخاله حكومة العثماني من النافذة بعد ان رفض بنكيران ادخاله إدريس لشكر من الباب.

اما احزاب المعارضة، خاصة الاستقلال و الاصالة و المعاصرة و التقدم و الاشتراكية، فلم تتوقف عن دعوته إلى إعادة 17 مليار درهم الذي استفادت منها شركته للمحروقات الى خزينة الدولة، و اتهامه باستعمال " القفف" لاستمالة الناخبين، و مرشحي حزبه المال لكسب الاصوات.

لقد كانت هذه الاتهامات موضوع بلاغات رسمية، حاول التجمع نكرانها او الرد عليه بخجل، لكن كان لها مفعول لدى الرأي العام ليس ضد الحزب، و لكن ضد الشخص، الذي كانت احدى شركاته موضوع مقاطعة شعبية قبل ثلاث سنوات.

وقبل يومين من الانتخابات تأتي خرجة بنكيران،  التي فيها الكثير من التحذير و التهديد و الابتزاز، معلنا ان الشخص الذي كان يقول عنه انسان "ظريف"، في سياق مشاورات تشكيل الحكومة سنة 2016، لا يصلح ان يكون رئيسا للحكومة،  لان بنكيران ادرك بعد فوات الآوان، ان تلك  " الظرافة"، هي التي جعلته  يفشل في تلك المشاورات، و يغادرها مذموما مدحورا.

في خرجته هذه عزز عبد الإله بنكيران قاموسه اللغوي ب " كونفتير عايشة"  نافخا على أخنوش من نار  مكره.

و رغم حلاوة المربى ( الكونفتير) فقد صار علقما في حلق عشاق طواجين الحمام بالزبيب.

خرجة بنكيران، احد ابرز الذين يعطرون " ݣميلة" السياسة بثوابل الفكاهة التي تصل حد التهريج، و يجيد وضع " السم في الدسم" جاءت قبل نهاية موسم قنص الحمام، و سيكون لها وقعها بعد نهاية الصيد، حين يحصي كل حزب طرائده،  تحمل العديد من الرسائل ليس لاخنوش وحده، الذي افسد عليه فرحة ولاية ثانية على راس الحكومة، بل لكل من يعنيهم الأمر، و هو بذلك يريد ان يحرمه من فرحة تولي المنصب أصلا، حيث استعرض كل النقائص الشكلية والمسطرية، التي يعتبرها كافية للاستغناء عنه، و التي لا يمكن أن تخفيها مساحيق التجميل.

ومع ذلك فإن قول بنكيران ليس هو الحق الذي لا يعلى عليه، و أخنوش ليس هو " إبليس" الذي اغرى آدم بالأكل من التفاحة المحرمة..

فلكل سوأته، التي يخسف عليها من اوراق الوعيد والوعود... و كما يقول المغاربة: " الله يجيب لي فيها الخير".