رأي

عبد المجيد مومر: لاَ لَيْسَ ذِكْرُ إِمَارَةِ المُؤْمِنِينَ مِثْل بِدَع الإِسْلاَمِ السيَّاسي!

إِنَّ مَنْ عَاشَ طُفُولَتَهُ في البادية المغربية لاَ بُدَّ وَأَنْ يَشْهَدَ بِعَظَمَة التَّوكُّل على الله في منظور الإسلامِ الشَّعْبي، وتَعلُّقِ عقيدَتِه بتوحيد الله الفرد الصمد مُنزل المطرِ من السماء. مثلمَا أَنَّهُ لاَبُدَّ من إبراز إعتدالِ خُصوصيَّاتِهِ المُنْفَتِحَة التي صَقَلَتْهَا إمارة المؤمنين بالمغرب الأقصى على عكس خلافة غرب آسيا وكَهَنوتِ الجماعات المارقة.
ولعل هذا ما جعلَنِي أقفُ مشدوهًا مصدومَا من سؤالِ الهَرْطقَة الفَتَّانة التي جادَت بها قريحةُ المرشح عبد اللطيف وهبي  زعيم تيار المستقبل داخل حزب الأصالة و المعاصرة. مثلما أجبرَني -مُكْرَهًا - على طرحِ السُّؤال المباشر المُتَّصِلِ بمفهوم الإسلام السياسي ؟!.
نعم، في خضم الرد المتين على تَلْفِيقاتِ ذاك الفَتَّانُ المُتَرشِّح لقيادة حزب الأصالة و المعاصرة ،والذي خرجَ عَليْنَا جَاهِلاً مُتَسَائِلاً: "أليْست إمارة المؤمنين إسلاما سياسيا ؟" نَعَم ، أَجِدُنِي كالمُبْتَدِئِ أَتساءَلُ: ما هو الموقف الحقيقي لمشروع الأصالة والمعاصرة من إمارة المؤمنين؟. وما هي الاجتهادات الفقهية والدستورية التي يمكن أن تدعمَ مشروع الراكبِين خلفَ سَائِقِ الجرّار؟! وما هوَ موقف عبد اللطيف وهبي من دور الأمانة العظمى في ردّ المظالِم و قضاء حوَائجِ الناس؟ .
ولأننا أمام الله نَشْهدُ لمَلِكنَا محمد السادس، بِصِفَتِه ملكًا للمغرب، وأميرا للْمُؤمنين،  أَنُّه المُؤتمنُ على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنَّهُ بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف ديانَاتهم. وبهذه الصفة، لا يمكننا الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين.
وتلكم من رحمة الشرع المحمدي وَبِمَا حقَّقَهُ سبط الرسول الكريم من  تجديد مقاصدي رحيم ، ومن تجدد إيماني عظيم استطاع به المغربيات والمغاربة ضمانَ التطور في ظل الاستمرارية، وذاك الذي جعل المملكة المغربية دولة إسلامية حديثة مُسْتَقِلَّةً بِمفهوم إمارة المؤمنين العالِمة الرَّاقية.
فاللَّهُمَّ لاَ تُحَاسِبْنا بما يقول السُّفهاء منَّا !.
اللَّهُمَّ  إنَّا نَسأَلُك اللُّطْفَ يا خبير يا لَطِيف من فِتْنَةِ وهبي عبد اللطيف. الذي صار اليوم يَخْلِطُ بين المفهوم الأصيل المُرصَّع والمفهوم الدَّخيل المُبْتَدَع ، فَشَتَّانَ يا دهاقِنة حزْبِ الجرّارِ : بين عَراقَة إمارة المؤمنين والتي تَبَّثَهَا الدستور المغربي -دستور التحول الديمقراطي الكبير-، وَبين عُثْمَانِيَّة خلافة غرب آسيا التي أسْقطها دستور كمال أتاتورك سَلَفُ الطيب أوردوغان الطَّالح.
إننا نتحدَّث لغة الامتداد الإيماني المُسايِر لمستجدات العصر المُتَنَاسِبِ مع حركية العقل و التاريخ.
فَإذا كان مشروع الاسلام الحركي -منذ عصر ما يسمى النهضة إلى الآن - مُثْقَلاً بغايات سياسية حاكمية متطرفة وعنيفة .فإن مؤسسة إمارة المؤمنين بالمملكة المغربية ، ظلَّتْ مُقاوِمَة مُنَاضِلة عَصِيَّةً صامدةً في وجْه الإستيلاب الهويَّاتي ،ساعيةً بعبقرية التَّلاقح المُنْفَتِح على علوم العصرنة والتحديث وتحديات مواكبة زمن الثورة الصناعية الرابعة، وما تفْرِضُه من تأهيل مُجتمعي عقلاني لإفراز جيل الحداثة الرقمية المتشبت بثقافة الإسلام السمحِ.
إن خطورة لَغْو الأسئلة المُنْحَرِفَة تُؤَشِّرُ على زمن الوعي بضرورة التحول عن تَلْفِيقات "الأصالة والمعاصرة" والكَفِّ عن تحريضِ التجاذُب المُتسلط عَلى إسلامِنَا بين مفاهيمِها، لأن هذا التلْفيق الحزبي الملغوم  يؤَشِّرُ على استمراية التَّصارُعِ الهَدَّامِ المُعَرْقِلِ لاحقاق التنمية العادلة وَما تَفرِضهُ المرحلة الجديدة من وحدة وطنية قائمة على صوت الارادة الشعبية المعبر عنها عبر صناديق الاستفتاء الشعبي ليوم فاتح يوليوز المشهود،والذي صادقت  من خلاله أغلبية وطنية مواطنة مريحة على أحكام التعاقد الأسمى للأمة المغربية، أَ لاَ ؟ وهو دستور المملكة المغربية.
أيها المُتَرشِّحُ المَجْرُورُ إلى قيادة جرَّارِ حزب الأصالة والمعاصرة..إنَّنَّي أيَّها المُبْتَدِعُ الضَّالُّ، لستُ هُنا أمام مِنَصَّة إلقاءِ التهم جزافًا على الآخرِ. و إنَّما أنَا هَا هُنَاكَ كَيْ أُقَدِّمَ شهادةً للتَّأْرِيخ الشَّعْبِي المَحْفُوظِ. فَكَمَا نَقِفُ إجلالاً و احترامًا لِإثْنَيْ عشَرَ قرنا من مَلاَحِمِ وحدة العرب و الأمازيغ تحت لواءِ إمارة المؤمنين وَأَمْجَادِهَا الخَالِدة و آفاقِها الواعِدة، فإنَّنَا نعتقد أن مشروع حاكميَّة الإسلام السياسي ومعه مشروع الرَّهْط التَّسَلُّطِي : أنَّكُمَا سَبَبُ التَّعَثُّر والتَّخَلُّفِ والظلم والحُكْرَة. أَنَّكُما الطَّامَّةُ الحزبية الكُبرى التي رَهَنَت تنمية البلاد، وجعلت المغربيات والمغاربة يدخلون مرحلة " الإِرْتِياب العظيم" والكفر بالأمل في التغيير السياسي السلمي الإيجَابي المُتَدَرِّج .
إننَا -نحن ولاد الشعب- نُمارس حقوق و واجبات المواطنة الدستورية مُتَشَبِّتِينَ بأحكام الفصل 41 من الدستور المغربي الذي ينص على أن ملكنا محمد السادس أمير المؤمنين وحامي حمى الملَّة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.و يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا، في شأن المسائل المحالة إليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة.
لذا فإننا  نمارس إسلامَنا  المُحَمَّدي المُستَنير بعيدًا عن إنحرافات ِسجالِكُم و حساباتِ صِدامِكم و تواطئِ تحالُفَاتِكم و ضلال تصريحاتِكُم التي تستوجب المساءلة القانونية.
بلْ نُسَبِّحُ حامدينَ شَاكِرِينَ مؤمنينَ أن الله ليس كَمِثْلِهِ شيءٌ وهو السميع العليم، ثمَّ نسيرُ في أرضِ الله بالتَّعارُف كَحِكْمَةٍ مُثَقِّفَةً و بِالحداثَة الشَّعْبية كَمُتَخَيَّلٍ مُلْهِمٍ غير مُكْثَرتِينَ بما تُفَذْلِكُونَهُ من ضَلاَلَة عَبَثِيَّة ، وما تَرْوُونَهُ من أساطيرٍ مُؤَسِّسَة للْخُرافَةِ المَانِعَةِ لإحقاق الصعود المنشود.
إنَّنَا بمنتهى البسَاطةِ:  لنَا اللهُ رَبُّنَا الخالقُ الواحِدُ الرَّشيدُ الجَلِيلُ !
فَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَ لَنَا هَذا التَّدَيُّنُ الشَعْبِيُّ الجَمِيلُ!
والختمُ بالصلاة على السِّرَاجِ المُنير البَشير النَّذِيرِ، ثُمَّ الوِرْدُ نَقْتَبِسُهُ من تَمَغْرَبِيتْ  " خُلْوَةْ لَجْبَلْ لَخْضَرْ" وَمَثَلُ " إسْلاَم ميمُونَة".
رَبِّي يَعْرَفْ ميمونَة و ميمونَة تَعْرَفْ رَبِّي!
 يَا وَاحِدًا لاَ يَنَام .. الحمد لله بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُور.
 الله الوطن الملك