على باب الله

حين تتحوّل شجرة "البيرول" إلى قضية رأي عام

المصطفى كنيت

أخذت قضية اقتلاع غابة أشجار "البيرول" أبعادا وطنية، و أصبحت قضية رأي عام، بعد أن تفضلت القناة الثانية "دوزيم" بانجاز روبوتاج بثته مساء الخميس على نشرتيها الرئيسيتين بالعربية والفرنسية.

و منذ أن انفجرت القضية، ارتفعت أصوات قليلة لشجب قرار المجلس البلدي بتواطؤ مع شركة العمران ( ياحسرة)، و دق ناقوس خطر اجتثاث غابة فريدة، هي الوحيدة في المغرب.

و كما يقال "العذر أقبح من الزلة"، فقد جرى الإعلان عن القرار وكأنه بُشرى، وتم تغليفه بالرغبة في القضاء على دور الصفيح، وإعادة إيواء 54 أسرة، تقطن خارج المدار الحضري، لا أحد يعرف كيف نمت " باراريكها"، بعد إعلان الرماني مدينة بدون صفيح في مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

و للأسف الشديد أن الذين قرروا ارتكاب هذه الجريمة البشعة في حق البيئة، تنكروا لتلك الأشجار التي استظلوا بها حين كانوا يهيئون لامتحان اجتياز الباكلوريا غير آبهين بالذاكرة الجماعية المشتركة، التي جعلتنا جميعا نتقاسم ذلك الظل، مع وجود فرق أننا اليوم ندافع عن الأشجار أما هم فيدافعون عن إقامة تجزئة تبتلع 13 هكتارا من غابة "البيرول" ليشيدوا فوقها "فيلات"، رغم أن بقع تجزئة "الصنوبر" لا تزال فارغة منذ أزيد من عقدين من الزمن، لأن أغلب أبناء القرية ( المدينة) يغادرونها تحت ضغط انسداد أفاق الشغل، ولا نكاد نراهم إلا في الأعياد.

و عوض أن يفكر المجلس البلدي في خلق منطقة صناعية لتحفيز الاستثمار، تفتقت عبقريته عن هذا المشروع، الذي ليس بإمكان السكان، الذين يتحملون، بالكاد، نفقات الحياة اليومية، الانخراط فيه، وبالتالي سيُوزع تلك البقع على هواه، تماما كم فعلت شركة "العمران" في تجزئة الصنوبر.

طبعا لا أحد يمكن أن يقف ضد التوسع العمراني للمدينة، لكن ليس بمناشير قطع الأشجار، فالرصيد العقاري يسعف على إقامة مثل هذا المشروع على أرض خلاء، و يسعف أيضا على توفير الوعاء اللازم لاستيعاب الاستثمارات الممكنة ، وهي كثيرة، خاصة في مجال الصناعات الغذائية.

إن إحداث مشروع تجزئة لـ "الفيلات" ينبغي أن يكون ثمرة لإزدهار اقتصادي، لأن العمران هو مظهر من مظاهر النمو وليس من مظاهر النوم.

و على الذين كانوا يحلمون بـ "النوم في العسل" أن يراجعوا أوراقهم، لأن النحل سيدافع عن أزهار شجرة "البيرول"، و أن يستعدوا للسعات لأن القضية أصبحت قضية رأي عام وطني ودولي.