قضايا

كرة القدم المغربية "الاحترافية.. التغيير أو الانكسار المعجل بالاندثار

محمد التويجر

أما آن لقطار بطولتنا الاحترافية لكرة القدم أن ينطلق؟...سبع سنوات عجاف من التخبط والتردد، جراء إصرار "الطابور الخامس" من جيوب المقاومة الذي يستهويه الاصطياد في الماء العكر، رافضا أن يكون جزء من رحلته الإلزامية.
...جامعة، رغم عيوب تشكيلتها، رافعة شعار التغيير والارتقاء، وأندية غالبيتها مخلصة لأسلوب الاستجداء، يترأسها أشخاص دون مستوى الانتظارات، تحولوا إلى تجار مناسبات، يتعاملون مع سوق الانتقالات بمنطق " رحبة الغنم المليء بالشناقة، اللاعبون عندهم مثل "خرفان"، يتفننون في تسمينهم وإعدادهم لمن سيدفع أكثر .
لم يعد عيبا أن نجد رؤساء قدموا الولاء لأحزاب سياسية تجارتها بائرة، بحثا عن قناع يدخلون به "سوق البشرية" ( تحية لعميد الأغنية المغربية عبد الوهاب الدكالي )، أملا في أصوات تنفع يوم الانتخابات، بعدما اختلط عندهم السياسي بالرياضي، كل شيء عندهم مباح ( تلاميذ أوفياء لميكيافيلي صاحب نظرية "الغاية تبرر الوسيلة").
صفقات غامضة بالملايين لا توازي القيمة الحقيقية للاعبين، غالبيتها العظمى تتم "من خلف ستار"، لا تؤدى عنها الضرائب، حارمة موارد الدولة من أرقام مالية فلكية ، يمكن أن تستثمر في مرافق اجتماعية تحد من واقع الهشاشة، الذي تعاني منه فئة كبيرة من مواطني المملكة .
مدربون مخلصون لذات المنطق، يتعاملون مع سماسرة متخصصين، ضابطين لخبايا السوق، لا يقيمون وزنا لأخلاقيات المهنة....توقفت مداركهم الميدانية عند سنوات "أهل الكهف"، في قطاع كروي يتطور بسرعة فائقة....يحتكرون المشهد بدعم من هيئة بلغت من العمر عتيا رافضة للتعددية والبقاء للأصلح، قاطعين الطريق على الشباب من أبناء المجال ، المصر على أن يدير دفة طموحاته بعد توقف الممارسة إلى التأطير ...ف"من لم تكن عندو جداه في المعروف" يصطدم بأبواب موصدة، وسوق متحكم في تفاصيل حركيتها... وحدهما الفتح ومولودية وجدة من عاكسا التيار واحتفظا بكل من الركراكي وبنشيخة، أما الباقي، فقد مر من صندوق الأداء مرة واحدة على الأقل هذا الموسم...آخر تجليات ذلك أزمة فاخر مع حسنية أكادير وتخلي الوداد عن زوران
لا تستقيم الممارسة النقية النظيفة دون رئيس عصبة محايد ، ليس له انتماء ولا يدين بالولاء لأية جهة ، يحتكم فقط للضوابط المؤطرة، غير مراع لتموقع فلان أو علان .
...لا يمكن لزهرة الاحتراف أن تنبع، وهي مغروسة في حقل ألغام ...
..لن يكون لمنظومتنا الكروية غذ مشرق في ظل برمجة مرقعة، تأكد بعد أخطائها المتوالية أن من عوضوا البكاوي وفريقه مفتقدون لأبجديات الاستباق والتخطيط القبلي .
ولأن الشيء بالشيء يذكر، يجب التنصيص مستقبلا على أن الأندية التي ترغب في الانفتاح على المحيطين القاري والعربي، سعيا إلى تمثيل خارج الحدود ، وبحثا أيضا عن غنائم مالية ( 6.5 مليار سنتيم قيمة كأس محمد السادس ) أن تحدد أولوياتها، وأن تلتزم صراحة باحترام البرمجة احتراما حرفيا، حتى لو اقتضى الأمر الوفاء بالتزاماتها المحلية بفريق رديف ( ليفربول نموذجا ).
مركب محمد السادس لكرة القدم المفتتح أخيرا مجسد لثنائية السرعة التي تسير بها منظومتنا الكروية... قمة بإيقاع القطار فائق السرعة، وقاعدة ترفض ترك مكانها في عربات القطار البخاري الشاهد على زمن " الويسترن ".
مركب محمد السادس لكرة القدم - أيها السادة - أسقط ورقة التوت، وترك القيمين على شأننا الكروي حفاة عراة مثل يوم ولدتهم أمهاتهم، حائرين مواجهين لخيارين لا ثالث لهم : التغيير أو الانكسار المؤدي إلى الاندثار.
هي دعوة صريحة- قبل فوات الأوان- لتوحيد منظومتكم يرحمكم الله، ومن لم تكن له القدرة والرغبة في ركوب قطار التغيير، أن ينزل في أول محطة، تاركا مكانه لمن هو مسكون بطموح التحليق في الأعالي.
كفاكم أنانية....غلبوا مصلحة شباب ينتظر في طوابير لا تنتهي فرصته للبروز وتفجير ما بدواخله من طاقة... وإلا وجدتم أنفسكم في محطة توقف خلاء قاحلة، متخلفين عن ركب التغيير، مفتقدين لأدنى أسباب الوجود.