تحليل

الإتصال المتين بين مِيثاق التوحيد و الإصلاح وَ بيعةِ الإخوان المسلمين!

عبد المجيد مومر الزيراوي

يقول حسن البنا مؤسس جماعة " الإخوان المسلمون " في رسالته المُسَمَّاة - بين الأمس و اليوم - :

" أيها الإخوان : أنتم لَسْتُم جمعية خيرية ، ولا حزباً سياسياً ، ولا هيئة موضعية الأغراض محدودة المقاصد !".

و ذاك ما تُجَسِّده بالملموس حالة المُخَاتلة غير القانونية التي تُمَارسها جماعة التوحيد والإصلاح من خلال صَكِّ الميثاق المشبوه الذي إِسْتَنْسَخَتْه أقلام بروتوكولات سفهاء جماعة الإخوان  المُقلِّدين بالمغرب.

 

هذا الميثاق المشبوه الذي جسد مجموع المبادئ والمنطلقات، والأهداف والمقاصد، إضافة إلى مجالات العمل التي اختارتها حركة الإصلاح و التوحيد -التي ينتمي إليها رئيس الحكومة المغربية- للاشتغال في إطارها. حيث تأتي فكرة الميثاق بمثابة العقد الذي يجتمع عليه أعضاء الحركة، ويُميِّزُها عن غيرها من الهيئات والحركات، فالميثاق بمثابة الورقة المذهبية لها.

 

ويستمد هذا الميثاق أصالَته المزعومة من القرآن الكريم والسنة النبوية، فالقرآن أوصى بكتابة العقود ؛ " ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا " (البقرة/281) ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أحدث وثيقة تنظم المجتمع الإسلامي غداة استقراره في المدينة المنورة. ومن واجبات العقد االتي أمر الله عز وجل بها الوفاء؛ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ( المائدة/1).

والمُرِيب في الأمر ؛ أنَّ أهداف و مقاصد هذا الميثاق المشبوه نجدها نسخة مُطَابِقَة للأصل من أهداف و مقاصد رسائل جماعة حسن البنا التي تهدف إلى إقامة الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم ( هذه فكرة إخوانية تعني السيطرة على العالم و سيادة الدنيا وفق ما حدَّده حسن البنا ).

 

كما تؤكد الوثيقة المُسَمَّاة "النظام العام للإخوان المسلمين" بأن الإخوان المسلمين في كل مكان جماعة واحدة تؤلف بينها الدعوة ويجمعهم النظام الأساسي . وتهدف الجماعة إلى "إعداد الأمة إعداداً جهادياً لتقف جبهة واحدة . . تمهيداً لإقامة الدولة الإسلامية الراشدة" .

 

فهل يستطيع السيد سعد الدين العثماني عضو حركة التوحيد و الإصلاح رئيس الحكومة المغربية ، و الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ؛ هل يستطيع مٌقارعَتَنا بالصوت الجهوري و مُصارحة الشعب المغربي بالإعلان عن صريح بَرائِه من عقد ولائِه لبيعة ميثاق جماعة " التوحيد و الإصلاح " الدينية و أهدافها المُعلن عنها ، حيث يعتبر الميثاق أن أجمع أهداف حركة التوحيد هو " إقامة الدين " ، وعنه تتفرع سائر الأهداف المُخطط لها ضمن بوتوكولات الجماعة ؛ من إقامة الدين على مستوى الفرد ، والأسرة والمجتمع والدولة والأمة ؟!.

و هل الدولة المغربية كافرة يا معالي رئيس الحكومة التوحيدي الاصلاحي حتى ترفع جماعتُكم الدَّخيلَة على المجتمع المغربي مطلب إقامة الدين؟!.

 

و بما أن ولاد الشعب سَبقَ أَن حسموا في مَرجِعِيَّتَهم وفق مبدأ النْيُورِيَّالِيزَمْ الثَقافي الصاعد من رحم التراث العقلاني الشعبي. اختيار الحداثة الشعبية و إستراتيجية النضال الدستوري المُتضامنِ التي تسمو فوق ضغائن السلوك الانتقامي الحاقد و تتجاوز سلوك المراوغة السياسوية التي سرعان ما تتلاشى و تتفتت.

هذا الإختيار الشبابي مسعاهُ العمل السلمي الواعي و المسؤول قصد المساهمة في استكمال بناء الدولة المغربية الديمقراطية المُوَحَدَّة ؛ 

إستكمال بناء " دولة الإنسان " و ليس دولة خلافة كهنوتية على منهاج جماعة الإخوان المُفْلِسِين .

إستكمال بناء دولة المواطنة القائمة على أحكام الدستور المغربي و التي تشكل الإطار القانوني السليم لجماعة " مجتمع التنوع البشري " و العدالة الثقافية الدستورية بين المواطنات و المواطنين المغاربة.

 

و بالتالي يستمر قلم ولاد الشعب في طرح أكثر من علامة استفهام حول تشغيل أسطوانة المونتاج  التركيبي لمقالات سعد الدين العثماني تحت مُسمى : الدين و السياسة تمييز لا فصل.

 

هذا التمييز الملغوم الذي إستنسخ تمايزًا ثم جاء نَسْخُه انحيازًا مكشوفا ضد إرادة الدستور و القانون . و لعلنا جميعنا نتذكر انحياز معالي رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ، ضد الانتصار لمفهوم العدالة التي تتأسس على الدستور والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ( قضية آيت الجيد كمثال و رفع شعار لن نسلم لكم أخانا و كذلك بيان الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية الذي ينسف مبدأ المواطنة الدستورية و المساواة أمام القانون ، وكذلك تعمد إهانة كرامة المُشتكيات بتوفيق بوعشرين المتهم في جرائم الاتجار بالبشر و تقسيم الشعب المغربي إلى معسكرين ).

 

عُذْرًا السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية؛

 

نحن – كولاد الشعب- نختار الوطن ، و ننْحاز إلى صف الحداثة و الديمقراطية و مبدأ سمو القانون أولا و أخيرا.

 فلا تجعلوا المجتمع المغربي ضيقًا بِمخَطَّطِكُم المكشوف لِأَدْلَجَة " إسلامية الدولة " حتى تميلَ عن سِعة الشرع المحمدي الرحيم.

 

وَ لا تأخذُنَّكُم العزة بشبهة الإلتفاف على الدستور ، والتدليس بدين الله الإسلام الذي حَرَّر الإنسان من رقبة أخيه الإنسان ، وجعل الحكمة ضالَّة المؤمنِ هي لهُ أنَى وجدَها .

 

# الحداثة الشعبية هي الحل.

 

عبد المجيد مومر الزيراوي 

رئيس تيار ولاد الشعب