رأي

الصادق بنعلال: من أجل إعلام كروي .. أفضل

1 –  إذا كنا نقر بأن لعبة كرة القدم المغربية قد شهدت تقدما فنيا ملموسا في السنوات الأخيرة ، تجلى ذلك في المنافسة  النموذجية لعدد من الأندية الوطنية أثناء الاستحقاقات المحلية و الإفريقية و العربية ،  و مساهمة الجماهير بحضورها الوازن و الفعال .. فإنا نقر في الآن عينه بأن البرامج المواكبة لهذا المنجز الرياضي عبر الإعلام التلفزيوني الرسمي بشكل خاص ، لا يساير هذه الصحوة الكروية بالصورة التي ينتظرها المشاهد المتتبع للأنشطة الرياضية . و الواقع أن الفضائيات الدولية العامة و المختصة تقدم أطباقا شهية تشفي غليل المعنيين بالشأن الرياضي ، و تساهم في نشر الثقافة الرياضية بشكل احترافي لا غبار عليه . بل أكاد أقول إن المستوى الشكلي و المضموني لبرامجنا هذه تراجع بكيفية ملحوظة مقارنة مع مثيلاتها في الثمانينيات و التسعينيات من القرن العشرين ! فما هي مظاهر قصور هذه البرامج المعنية بالأمر ؟ و ما العمل من أجل أداء أفضل و أسلم لهذا المنتوج التلفزيوني الأكثر مشاهدة ، من قبل مختلف الفئات العمرية من المواطنين المنفتحين على الإعلام الرياضي الأجنبي المتقدم ؟
2 –  إذا اقتصرنا على ما تقدمه القناة المغربية الثالثة المختصة بالشأن الرياضي ، و توقفنا فقط عند البرنامجين المعروفين ، استوديو البطولة الاحترافية الذي يعنى باستعراض موضوعات الدورة القادمة من البطولة ، و حصاد البطولة الذي يتناول اليوم الأخير من البطولة الوطنية لكرة القدم ، سنستنتج دون عناء أن عملا شاقا و احترافيا ينتظر القائمين على التنشيط الإعلامي الرياضي ، فهما يقتصران و بشكل ممل على تقديم ما يعرفه مسبقا المشاهد الكريم ، مع “تحليل” مبتسر و غير متوازن لأطوار المباريات . و بفعل التطور التكنولوجي الهائل الذي شهدته وسائل الإعلام الحديثة و مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة ، كان يفترض أن تمنح للمشاهد المغربي الكريم مختلف الحيثيات و العناصر الضرورية ، ليتمكن من بلورة نظرة شاملة و متكاملة عن الحدث الرياضي ، و لنجعل منه مواطنا صالحا واعيا مدركا لأبجديات هذه اللعبة الساحرة .
3 –  لم يعد تنشيط لقاءات كروية في قناة تلفزيونية معينة ، مقتصرا على مذيع و محلل تقني و مدرب مثلا ، بل لا بد من خبير في التحكيم يسلط الضوء على حالات خاصة طرأت في مقابلات مخصوصة من زاوية علمية قانونية ، و خبراء في الإدارة الفنية و فن التواصل و الإعداد البدني و حراسة المرمى ، و مختصين في الاستعراض الجماهيري من حيث الأهازيج و الأغاني و اللوحات / التفوات ، التي تبذل الفصائل الرياضية مجهودات جبارة ، لإضفاء جانب الحيوية و الجمالية على العرض الاحتفالي للمقابلة . بل إن تحليل حوار كروي محدد يستدعي أكثر من إطار تقني بحثا عن التعددية و الاختلاف الإيجابيين ، كل ذلك و غيره من أجل تجاوز الأخطاء الكثيرة المصاحبة “للتحليل و المناقشة” ، من قبيل المساندة غير المقنعة للفرق المنتصرة التي عرف مدربوها “بذكائهم الكبير” كيف يفوزون ، و انتقاد النوادي غير الموفقة بسبب “غياب” هذا الذكاء عندهم ، و العمل على التخلص من إطلاق الكلام على عواهنه ، كأن تتم الإشادة بأول انتصار لفريق  يعاني الأمرين ، و اعتبار ذلك بمثابة “انطلاقة حقيقية” في مسيرته الكروية . إن البرامج الرياضية التي نتوخاها في وسائل إعلامنا الورقية و الإلكترونية و التلفزيونية و الإذاعية ، يجب أن تسعى بكل ما تملك من إمكانيات مادية و لوجستيكية هائلة إلى نشر ثقافة رياضية فعالة ، قائمة على قيم التسامح و التضامن و العيش المشترك و الوعي و التواصل السليم .