قضايا

في بلاغة التسنطيح وتسنطح البلاغة

يوسف توفيق

عندما نشرت صورة ملصق الاطروحة التي ستناقش في الايام القليلة القادمة، والموسومة ببلاغة الخطاب السياسي السجالي عند عبد الاله بنكيران انبرى بعض الغيورين عن البلاغة للدفاع عن مشروعية الاطروحة وجدتها وراهنيتها متهمين جمهور المخالفين بعدم فهم مغزى البلاغة السجالية ..لكن من قال إننا لم نستوعب معنى ذلك؟ ومن قال ان التسنطح وتخراج العينين ليسا من الاسلحة البلاغية الفتاكة للاقناع والاخضاع وتمرير القرارات اللاشعبية والحصول اخيرا وليس آخرا على تقاعد مريح يزيد الشحم في ظهر المعلوف؟ وأية بلاغة أبلغ من تزوير الحقائق وتزيين الباطل والقفز على حبال الشعبوية ولي عنق النصوص لكي تخدم مصالح الطبقات المترفة؟ وأي خطاب أجدى وانفع لأصحابه من خطاب شعبوي يتمسح بالدين للإجهاز على مكتسبات الطبقات المسحوقة وعلى إصابة قدرتهم الشرائية في مقتل والرفع من سعر المحروقات، وسن القوانين التي تسمح للهولندينغات المتوحشة بالتملص من الضرائب وامتصاص المزيد من المال العام،  والاقتطاع من اجور المضربين والكذب البواح بشأن الرفع من معدل النمو يينما هو في انخفاض مستمر ، واغراق الدولة في المديونية وسن التعاقد وضرب التقاعد، والتغني بانجازات حكومية غير مسبوقة بينما السواد الاعظم يعاني غائلة الفقر مفضلا العبور الى الضفة الاخرى على البقاء تحت رحمة البلاغة السجالية والحوارية. والسكوت في المقابل عن عن ضريبة الرفاهية وتقاعد الوزراء والبرلمانيين وعن تفريخ اللجان والمجالس التي اصبحت بعدد حبات الحصى وتعويضاتها الضخمة ..أية بلاغة أبلغ وأجدى وأنفع من بلاغة تمكن اصحابها من بناء الفيلات وركوب صهوة السيارات الفارهة وتعداد الزوجات والمدلكات والخليلات.. وفوق ذلك باقة من الكلام النابي والسوقي الذي ينتمي الى لغة الطيابات في الحمامات الشعبية مع بونيس محترم من لغة الوعد والوعيد والتهديد وتخراج العينين . اية بلاغة ابلغ من هذه؟ هنيئا لصاحب هذه الاطروحة على هذا السبق العلمي وهنيئا للجامعة المغربية على احتضانها لهذه المعرفة البلاغية التي لم يشهد تاريخ البلغاء والخطباء والسياسيين مثلها منذ ارسطو وهوراس .