تحليل

الدور المحوري للملكية

أحمد الشرعي

تستمد المؤسسة الملكية المغربية وجودها من التاريخ. الارتباط الشعبي الوثيق بها مكسب قديم، والإنصات لتطلعات الشعب يدخل في صميم قيمها الأساسية. وتماشيا مع هذه العروة الوثقى تمكنت الملكية على امتداد التاريخ من مواجهة التحديات المختلفة، ومن هذه الوحدة الراسخة خرج المغرب دائما أقوى.
شخص الملك يجسد الأمة، ويضمن الوحدة الترابية للبلاد ويسهر على استدامة اللحمة الاجتماعية. ومن خلال اعتماد هذه الأركان الثلاثة كاستراتيجية كبرى، حدد دستور 2011 اختصاصات الملك، مع منح صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، القادم من صناديق الاقتراع.
يسهر الملك على القطاعات التي تضمن الوحدة الترابية للبلاد، والحقل الديبلوماسي. كما أن صفته كأمير للمؤمنين تجعله مشرفا على الشأن الديني، و يعود له الاختصاص في تحديد الرؤية الاستراتيجية وتسطير التوجهات العامة لتطبيقها. أمام تعثر وتيرة الإنجاز في بعض القطاعات والأوراش، يصبح تدخل الملك المباشر في توجيه وحلحلة الملفات العالقة أمرا واقعا، كما حدث خلال ورش إصلاح التكوين المهني وأوراش أخرى، حيث ترأس الكثير من الاجتماعات كان الغرض منها التوصل إلى حلول ناجعة.
تدبير الشأن السياسي العام يدخل ضمن اختصاصات الهيئات المنتخبة وفق منصوص الوثيقة الدستورية. غير أن هذه الهيئات لا تكون في المستوى المطلوب أحيانا، وتتأخر في الجلوس على طاولات الحوار مع الفئات الاجتماعية المحتجة. هذا الوضع المتشنج يدفع الجميع إلى مراسلة الملك بالتظلمات والشكاوى.
التوجه للملك بالتظلم يعبر عن ثقة كبيرة في المؤسسة الأعلى في البلاد وفي شخص  الملك محمد السادس، في الوقت الذي يختبئ فيه الآخرون خلف ستار من الجبن أو اللامسؤولية ما عدا استثناءات قليلة جدا، ويرفضون تحمل مسؤولياتهم في مواجهة هذه المطالب، متناسين أن عملية انتخابهم كانت لهذا الغرض تحديدا، وأن عليهم باستمرار، التحلي بالشجاعة الكاملة لتبرير اختياراتهم السياسية أمام الهيئة الناخبة التي أتت بهم لمركز صناعة القرار.
الشباب في المغرب، مثل نظرائه في كل بلدان العالم، يتطلع لنتائج سريعة. التظلمات الموجهة لعاهل البلاد متنوعة وغالبا ما لا تدخل في صميم اختصاصاته الدستورية، إذ لا يمكن للملك أن يسهر على تسيير الشأن اليومي في مجموع التراب الوطني.
الشباب يتطلع للاستجابة لمطالبه بسرعة، وهو غالبا ذو تربية حسنة ويخاطب الملك ضمن الاحترام المطلوب. يحدث أن تخرج حالات قليلة و انفرادية عن واجب الاحترام، هنا يصبح تدخل القانون أمرا ضروريا لضمان سريان سيادة الدولة والحق العام. هذه الفئة لاتمثل الشباب المغربي المتطلع لمستقبل أفضل.. إذ أن الانخراط الشعبي في احترام المؤسسة الملكية هو الأمر السائد الذي يتفق عليه مجموع المواطنين.