على باب الله

الكلام الزين تيتدفع في الديّة

المصطفى كنيت

تخلى الوديع عن صمت الحملان، و رمى عزيز أخنوش بسهم، و أعطى للفظة "الترابي" حمولة" عادت بها إلى سنوات الرصاص، رغم أن أخنوش، على ما أعتقد، لا يفكر  في إعادة فتح  درب مولاي الشريف ولا تازمارت و لا المعتقلات السرية، التي أصبحت مجرد ذكرى، بعد أن قرر المغرب طي صفحة كان الوديع نفسه شاهدا على طيها.

لا أظن أن أخنوش كان يقصد بعبارته، التي أثارت كل هذا  اللغط الفايسبوكي كل المغاربة، بل كان يقصد أمثال الكناوي، لزعر ، ومول الكاسكيطة، ومول الحانوت، وغيرهم من الفطريات التي نمت، في غفلة من الجميع، في أحضان الرداءة، والذين يحتاجون بالفعل إلى "إعادة التربية"، غير أن خصومه السياسيين نجحوا في  جعل تلك الجملة عظما في بلعوم أخنوش.

الأكيد أن هناك كتائب فايسبوكية تنشط، كالخلايا السرطانية، لتخريب حزب أخنوش، خاصة مع اقتراب موعد 2021، لكن يستعصي عليّ التصديق أن صلاح الوديع، الذي هجر السياسية، يمكن أن يضع معها يدا في يد من أجل الذهاب، بكل اطمئنان، لهذا الموعد، متخليا عن كل رصيده "الحداثي" لمجرد أن أخنوش خانه التعبير، ولم يثقن بعد فن التواصل، رغم كل "الكوتشات" الذين استقدمهم من الداخل والخارج.

لكن في التاريخ، دائما، عادة ما يُنفخ في الأحداث الصغرى لتصبح كبيرة، تتحول، مع مرور الوقت، إلى معارك وحروب، و في هذه الحالة، فإنهم يريدون جر أخنوش من لسانه، رغم أن :" اللسان ما فيه عظم".

و رغم أن ما حدث مجرد "زلة لسان"، غير أن للكلام وقع كبير في نفوس المغاربة، لأن المثل يقول: " الكلام الزين تيتدفع في الديّة"، وما أدراك ما الديّة (وهي: "المال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها").

في مثل هذه الحالة، لا يحتاج الأمر إلى كل هذا الانفعال الفايسبوكي، و العنف اللفظي، لشحن الكلمات، بكل الحمولات القابلة للانفجار، أولم يصرخ، وزير الداخلية الأسبق، أحمد الميداوي، في وجه مدير نشر "لوجورنال" أبو بكر الجامعي، ذات لقاء صحفي مغلق: " كون كنتي ولدي كون ربيتك"، وقتها كنت حاضرا، لكنني لم اعر للأمر الكثير من الاهتمام، واعتبرت الكلام، عاديا، باعتباره رد فعل ناتج عن انفعال، لكن فجأة قامت "الضجة"، تماما كما يحدث الآن.

في كل ما يحدث، تسابق، وتدافع، وعرقلة، قد تلجأ، أحيانا، إلى أمقت أساليب المكر السياسي، التي تبشر بالتحالف بين "البيجيدي"  و "البام" أما: " العامَّة فإنها تلهج بحديث كبرائها وساستها لما ترْجُو من رخاء العيش وطيب الحياة" ( الامتناع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي).