قضايا

المدارس الخاصة.. مقابر مغرب الغد وغسالة الموتى!

جواد مبروكي

تبيع المدارس الخاصة للمغاربة منتجًا وهميًا و خياليًا بل في الأصل هو إغراء فقط. هذا المنتج الافتراضي والخيالي يُسمى “تأمين مستقبل الأطفال”. وبطبيعة الحال جميع الآباء والأمهات لديهم مِخيال فانْطاسْمي للطفل أي “الطفل الخارق والمثالي” في ذهنهم الباطني ومن الواضح أنهم يشترون هذا المنتج المقترح من المدارس الحرة ولو كلفهم إفراغ الجيوب لصالح هذه المدارس المختصة في جنازة أدمغة التلاميذ.
ربما يجد القارئ مبالغة في وصف المدارس الحرة ولكن سوف أشرح لكم كيف يتم طحن أدمغة الأطفال المغاربة.
1- ما هو “تأمين المستقبل” ؟
من الواضح بالنسبة للوالدين، أن يصبح الطفل شخصا مهما أو رئيسا أو مديرا أو برلمانيا أو وزيرا، وباختصار أن يكون له راتب شهري عالي جدا ويكون مالكا لفيلا في المدينة وأخرى في البحر وسيارة فاخرة. وهذا هو بالضبط “الحلم” الذي تبيعه المدارس الخاصة لأولياء الأمور!
للأسف لقد توقف إنتاج المواطن الصالح والمستقيم وخادم مجتمعه وبلده وصاحب القيم العليا ولقد أغلقت هذه المدارس أبوابها مجبرة لأنها عفا عليها الزمن و “دازْتْها الموضا” ولا تحقق حلم الآباء.
2- المدارس الخاصة “مُمونة الجنازات”
أ- مدارس أم مطاحن الأدمغة؟
تغرس المدارس المكاسب والمزايا فقط من خلال الحصول على أعلى النقط على حساب تدمير جميع القيم الاجتماعية وصحة التلميذ لكي تُثبت للآباء أن أطفالهم في طريق ضمان مستقبلهم. و الخطير في الأمر بالنسبة لهذه المدارس يبقى التلميذ مجرد عرض لبيع تحقيق أحلام الآباء. كما لا تستثمر هذه المدارس في مستقبل اجتماعي إنساني وعاطفي ومتسامح ومتعايش وموحد تحت راية حب الوطن والإنسانية. على عكس من ذلك تستخدم هذه المدارس وسيلة البرمجة اللغوية العصبية لسحق كل ما هو إنساني في الطفل واستبدال عقله العاطفي والروحي بدماغ روبوتي بالكامل حيث يسود الحقد بين التلاميذ من خلال زرع المنافسة والتنافس والمقارنة لدفع التلميذ ليكون الأول في كل الميادين بدون شفقة ولا رحمة للآخرين الذين هم مواطنين كذلك. وبدلا من هذا كان عليهم أن يتعلموا الخدمة والتعاون الجماعي لازدهار المجتمع والوطن.
هذه هي الطريقة التي تعد بها هذه المدارس الخاصة مغرب الغد، وتحضر أناس يقررون شؤون البلاد بدون إنسانية وبدون قيم اجتماعية.
ب- المدرسة الخاصة سلاح دمار اجتماعي
تتنافس المدارس الخاصة مع بعضها البعض باستمرار للحصول على أعلى معدل نجاح في الامتحانات وبعبارة واضحة تلك التي تنتج الحد الأقصى من العقول الروبوتية.
كما أن التعليم الخاص يبقى مدمر لأنه يُقسم المجتمع إلى عدة مجموعات، من أغنى فئة (تدرس في المدارس المرموقة) إلى الطبقة المتوسطة (تدرس في مدارس متواضعة) وأخيراً إلى فئة الفقراء والمستبعدين (يدرسون في المدارس العمومية) وهكذا يسود انعدام المساواة في الفرص ويخلق شعوراً بالحكرة والظلم.
ج- المدرسة الخاصة، غسالة الموتى
من الواضح أن الطفل لا يفهم سبب عدم تمكنه من الالتحاق بالمدارس المرموقة ولا يفهم السبب في أن والده ليس لديه ثروة مثل الآباء الآخرين الذين لديهم الكثير من المال وهكذا سكيوفرينيا الطفل المغربي تبدأ بالفعل. أما بالنسبة للأطفال الموجودين في المدارس المرموقة، فهم يعتبرون أنفسهم نخبة المغرب ويحتقرون أولئك الذين هم في أسفل السلم لأنهم سوف يكونوا تحت أوامرهم بعد 15 أو 20 عامًا. وهكذا تندلع الحروب الاجتماعية منذ الصغر ولن تتوقف أبداً لأن المخ قد تحول إلى مصفوفة روبوتية بغيضة.
في الحقيقة أعتبر أن المدارس الخاصة قد قتلت بالفعل المواطنة ومغاربة الغد وغسلت الأدمغة التي قتلتها حسب طقوس غسل الموتى وحفرت مسبقا المقابر لدفنهاً. إن المدارس الحرة قد أعدت مغرب الغد بمواطنين ميكانيكيين بدون روح المواطنة وكل منهم مسلح لتدمير أولئك الذين نجوا من المطاحن الدماغية.
المدارس الخاصة مقابر مفتوحة وتعد دفن مغرب الغد.
*طبيب نفساني وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي