على باب الله

أصدقاء بوعشرين ... يلتمسون له "عفوا" يستنجي به من أرحام الضحايا

المصطفى كنيت

لا داعي لإقحام العفو الملكي في قضية توفيق بوعشرين... و لا أظن أن هذا الملتمس، مهما أُعطيّ له من تأويل، يمكن أن يصمد أمام القرائن والحجج والأدلة وأشرطة الفيديو التي جعلته يدان أمام القضاء.

ولا يلتقي إدعاء براءة بوعشرين، و طرق أبواب المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، من أجل تضليل الرأي العام الدولي، مع طلب العفو.

وحتى في الأديان فإن المغفرة والغفران لا يأتيان إلا بعد التوبة، و أظن أن الذين يريدون له اليوم عفوا، يستنجي به من أرحام الضحايا، يصرون على المزيد من الإذلال لكل تلك النسوة، ويستبحن أعراضهن وشرفهن، التي حرمها الله، بلا رحمة.

و على الذين يرفعون هذا "اللواء" أن يطلبوا الصفح من الضحايا أولا، وهن كثيرات، لا أن ينكروا عليهن حقهن في المتابعة، و يعتبرهن مجرد "كاركوزات" في مؤامرة، ذلك أن المؤامرة الحقيقية، هي هذا السكوت عن معاناة الضحايا، و تجاهل ما أوصلتهن إليه جرائم بوعشرين.

 يكفي أن إحداهن لم تعد تتحمل الخروج إلى الشارع، و لم تجد ما تسدد به ثمن الحليب لطفلها الرضيع، وفكرت جديا في الانتحار.

و الأكيد أن التعويض الذي قضت به المحكمة لفائدتهن لا يكفي لتندمل جروحهن، لأنهن رفضن الاستسلام لكل الإغراءات من أجل التنازل.

طبعا هناك من قبلن أن يتسلمن حفنة دولارات، مقابل التراجع عن تصريحاتهن، وبعن شرفهن، ببضعة ملايين.

إن هذه الجرائم لا تحتاج إلى الاستعانة بالمفاهيم، و لا إلى دروس في التسامح في بعده الفلسفي والأخلاقي، لأن هناك طرفان، ذلك أن الصفح على طرف هو إمعان في احتقار الطرف الآخر، و هو ما لا يتوافق مع مفهوم العفو في بعديه السياسي والاجتماعي.

لذلك فإن الدعوة إلى العفو، التي تلقفها البعض من أجل "تبريزه" والركوب عليه، لا معنى له، ويندرج في سياق محاولة تضليلية للبحث عن مخرج من المأزق، بعد أن يئس أصدقاء بوعشرين من الخارج، فأرادوا العودة إلى الداخل، متجاهلين، أنه في هذه الحالة: "الوطن ليس غفورا رحيما"، وما ينبغي له.