قضايا

لا تجعلوا من المدرسة شبيهة بجهنم وبئس المصير!!

عبد الإله حبيبي

أطفال بدأوا يملون المدرسة، يرفضون منطقها، يعرضون صباحا عن التوجه إليها، كانت عمومية أو خصوصية، في الصباح، استيقاظ على ضوء التذكير بالواجبات التي تم حفظها بالأمس، التحذير من مغبة عدم التركيز مع الأساتذة، الضغط على الأطفال بهاجس النقطة، الامتحان، والأكثر فظاعة الوعيد بالمستقبل الذي لا سبيل لبلوغه سوى عبر طريق المدرسة والشواهد.. محفظة الظهر، تخفي عالما من المعارف والمعلومات والمعطيات التي ينبغي اكتسابها، أي حفظها، والاستعداد دوما لإعادة طرحها مع مواعيد الفروض الدورية، حتى المواد التي تنشط العقل والتفكير والاكتشاف تحولت بقوة التقليد إلى مواد للحفظ والتذكر، ترهق الأطفال، تقتات من عقلهم الصاعد، تخنقهم، ليس هناك حوار حول معطيات لها علاقة بالجغرافية والمكان والطبيعة والنباتات، ليس هناك مسار بيداغوجي لتسهيل فهم وتمثل هذه المعارف من خلال لمس وتجريب وتقليب المواد التي تحيل إليها هذه الدروس، فقط الصور التي توفرها الكتب المدرسية تشكل دعامات لتيسير الفهم، لكنها غير كافية لأنها مصممة ببعدين فقط، في حين أن المواد التي تشتغل عليها دروس التنشيط العلمي تتطلب موادا محسوسة بأبعاد ثلاثية وأكثر، وحتى إذا لم تتوفر ينبغي البحث عن شبيهاتها في التصاميم التي يقدمها الحاسوب، لكن لا شيء من هذا يحصل، يستحوذ الكتاب المدرسي على كل الأنشطة والأمثلة والتمارين والملخصات التي تظل هي نقطة النهاية التي بها يبدأ التلميذ في استرجاع الدرس لحفظه والذهاب إلى الفرض قصد استظهاره.
بيداغوجيا الطفل مبعد، مغيب، حاضر كخطاب، كنصوص، كحوار بين المعنيين البيداغوجيين، لكن ، واقعيا، الدرس التقليدي هو المهيمن، منطق التلقين هو السائد، لهذا يتكرر منطق القديم، ويؤجل المتعلم إلى حين. في ظل وضع كهذا حتما ستنتشر العدوانية المضادة كجواب على الملل، والرتابة وهزالة العرض و الإخراج الفني الذي تخضع له الدروس في صيغتها العملية. حتى الهدر والانسحاب والغياب والتشويش تشكل ردود فعل سيكولوجية على واقع تربوي لا يتوفر على جاذبية جمالية تيسر انخراط المتعلم، انسيابيا، في مسار الدرس ورهاناته الكبرى. لهذا تكثر الظواهر المرضية المرتبطة بالمدرسة، وتصبح التربية مشكلة بدل أن تكون حلا لمشكلات التكيف والضبط وتمرين الأطفال على تقبل الأنظمة والقواعد والتشريعات..