رأي

العادل الزبيري: الشرطة المغربية تتواصل

أرغب في الكتابة، في التعليق على التعديل الحكومي، وعن أشياء أخرى، ففي العمل الصحافي الميداني، أي الصحافة الواقفة، مواضيع ومواضيع، ولكنني أخيرا رسوت بعد تردد حيال لائحة من قضايا الساعة؛ لأتحدث عن الشرطة المغربية، أي نعم البوليس.

يتوافد شباب يحملون هواتفهم المحمولة، يلتقطون صورا تذكارية، فلأول مرة في حياتهم، يضعون على رؤوسهم قبعة شرطي، ويقتربون بمسافة غير مسبوقة، من شرطي.

يتحلق أطفال صغار على شرطية مغربية، تشرح لهم كيفية عمل جهاز تشتغل به الشرطة المغربية، يتحدث الصغار جميعا دفعة واحدة، تتبسم الشرطية، وتطلب منهم أن يأخذوا الدور للسؤال، فيسألون وتجيبهم، فيما ابتسامة عريضة لا تفارق محياها، بالتأكيد الشرطية تعبت، ولكنها تتواجد في هذا المكان للتواصل.

ففي مشهد نادر، يبتسم شرطي من فرق النخبة، رغم وضعه لباسه كاملا، وحمله لبندقيته الآلية، السوداء اللون، والأمريكية الصنع، وفق ما تخيلت شخصيا، أطفال صغار وشباب وكبار وشيب، يتناوبون على التقاط صورة تذكارية نادرة مع شرطي لم يغادر بيته اليوم لتنفيذ مهمة استثنائية، ولكن ليقضي يومه المهني مشاركا في تمرين تواصل مع المواطنين المغاربة.

في مالاباطا، هكذا يسميها طنجاوة، بقرب البحر الأبيض المتوسط، في مدينة طنجة في شمال المغرب، تنتصب قرية ضخمة، تحمل شعار الإدارة العامة للأمن الوطني، والحدث هو الأبواب المفتوحة الثالثة للبوليس في المغرب.

فلا تتوقف حركة الداخلين والمغادرين، لا تتوقف الهواتف المحمولة عن التقاط صور السيلفي، فكل شيء متاح في تمرين استثنائي.

تابعت من تردد قبل أن يقدم على طلب صورة، فيما الأطفال الصغار وحدهم لا يملكون خوفا لأن لهم جرأة خاصة بهم، أما من عاش مرحلة في المغرب، كان الجميع فيها يخاف الشرطي، فبدت على وجوههم علامات الحيرة والتساؤل.

أعتقد أن التعليق على الشرطة المغربية يتراوح بين التهجم أو المدح المبالغ فيه، وسط قلة الكتابة الموضوعية، العاكسة مثل المرآة للواقع كما هو: فالشرطة المغربية كما أتابعها منذ سنوات تتغير بخطوات ثابتة ولو ببطىء ولو بإمكانيات رينا لا تكون مريحة جدا في العمل، إلا أنها شرطة تنحت في هدوء صورة جديدة ترتبط بالمواطنة وبخدمات للقرب.

وأجيب كل الذين يحرصون على إطلاق النيران الصديقة عبر كل ما يكتب، لست صديقا للشرطة، ولكن لدي فيها أصدقاء كثر، وأنا مواطن مغربي يحترم المؤسسات، ويحرص على احترام القانون المغربي.

ولكن لما أرى نقاط ضوء جميلة، لا يمكنني إلا رفع القبعة، والتصفيق بحرارة لشيء جميل، لأن المواطن الملتزم بقضايا وطنه ومجتمعه منتف في أحكامه قدر الإمكان.

ففي طنجة، تابعت شرطة مختلفة تماما، تقترب أكثر من المواطنين، تفتح أروقتها لكل الأسئلة، وتسمح لكل الناس بالتقاط صور ولو فوق دراجات نارية.

فلا يمكن اليوم إلا الوقوف باحترام لما تقوم به الإدارة العامة للأمن الوطني، في خدمة المواطن المغربي، بطريقة جديدة.

ومن الأشياء الجميلة التي أثارتني تكنولوجيا، النسخة الجديدة من بطاقة التعريف الوطنية المغربية، تكنولوجيا جديدة؛ ولو أنني كمغربي أتمنى إضافة اللغة الأمازيغية، إلى هذا الإنجاز الجديد، في احترام للدستور المغربي الذي ساوى لأول مرة في العام 2011 بين العربية والأمازيغية كلغتين.

أتابع الشرطة المغربية من سنوات، عن قرب مهني، وأرى اشتغالا مهنيا يحقق تراكما إيجابيا، لتجاوز الماضي بحمولاته، وتحقيق مصالحة غير مسبوقة مع المواطن المغربي.

في مدينة طنجة في شمال المغرب، مئات من نساء ورجال الأسرة الشرطية، من الشرطة، قدمت عملا تواصليا جماعيا، فريدا من نوعه في تقديري.