قضايا

تدبير الشأن العام ليس لعبة للتسلية

عبد الصمد بن الشريف

إن تدبير الشأن العام، وتدبير مؤسسات إستراتيجية ليس لعبة للتسلية، والكفاءة لسيت نزوة أو رغبة ذاتية، أو إشاعة يتداولها الناس في المقاهي والجلسات، والصالونات  و في عدد من المواقع والمنابر، بل هي تجربة وخبرة وقدرة على الإبداع والإنصات ومصداقية وإحساس بالمسؤولية والوطنية ورضوخ تام لمنطق المصلحة العامة. 

فقدان المصداقية هو نتيجة الضعف .وفقدان المصداقية هو أيضا عقاب للديماغوجية .كثير من الوعود عادة لم يتم الالتزام بها من قبل  أغلبيات تعاقبت على تدبير الشأن المحلي والوطني .وهنا يأتي  دورنا الأخلاقي والتاريخي  ومسؤوليتنا الخاصة في تحويل العالم وتغيير حياة الناس، علما ان الأفكار النبيلة والصادقة غالبا  ما تصطم بمقاومة متعددة المصادر.

من المؤكد أن المجتمعات المعاصرة معقدة جدا  وهذا ما يطرح صعوبة أمام امتلاك أي خطاب سياسي صفة المصداقية وقوة الإقناع .كما أن تنوع المطالب الاجتماعية وتعددها،  عادة ما يربك الفاعلين بما في ذلك ثنائية يسار-يمين  .علما أن كثيرا من المواطنين يعتبرون أن هذه الثنائية أصبحت  متجاوزة ولم تعد تنطوي على أهمية كبيرة .كما أن التحولات الاجتماعية عميقة ومتسارعة وصادمة أحيانا ومتداخلة وكاسحة  ،ولا يمكن أن تكون الإرادية  السياسية ناجعة في هذه الحال .كما أن التطورات الإجتماعية  مثل تحسين المساواة بين الرجل والمرأة  والتقدم التكنولوجي : مثال ثورة الانترنيت ،غيرت كثيرا وعميقا المجتمعات أكثر من البرامج السياسية .

يسلم علماء السياسة أن العامل السياسي حاضر في كل شيء وبشكل مطرد. فهو ينشط المجتمع ويتجلى في  كل أبعاد الحياة الاجتماعية .وتنشيط المجتمع يعني إضاءة وتوجيه فاعليه للإجابة عن التحديات التي يطرحها العصر ،مثل آفة  البطالة والحفاظ على البيئة وتمويل الضمان الاجتماعي  والتعليم والصحة وجودة الخدمات الإدارية والتنشئة الثقافية والإعلامية .

ليس هناك برنامج سياسي شامل يملك مفاتيح حل جميع المشاكل يمكن فرضه على كل المواطنين ،هذا يعني تقوية الديمقراطية التمثيلية من خلال المؤسسات العمومية والأحزاب السياسية بصيغة جديدة  وبأدوات عمل وتواصل بديلة ،وعبر تفضيل ثقافة التوافق على ثقافة المواجهة.