رأي

خالد الشاتي: متى يفسح المجال لعودة العقل والإنسان ؟

في تاريخ البشرية، لم يعبث شيء بأمة مثلما عبثت الفتاوى بالمسلمين... رجال يحددون للناس "رأي الله" في كل شيء، مأكلهم، ملبسهم، معاملاتهم، تناكحهم... كل شيء حتى ...
قبل شهور، كان فقهاء السعوديون يحرمون الموسيقى والسينما وقيادة المرأة للسيارة، وكانوا يسندون تحريمهم بطابور دلائل من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح ..
ثم بين عشية وضحاها، طار الكتاب، وانسحبت السنة، واندثرت أقوال السلف، لتصبح المحرمات حلالا طيبا، ومن يعارضها مجرما آثما ...
وحتى بداية القرن التاسع عشر، كان شرب القهوة حرام شرعا في جزيرة العرب، وصدرت فتاوى بجلد بائعها وطابخها وحاملها وشاريها..! ونفد الحكم الشرعي مرات متعددة في الساحات...  ويبدو أن المؤلفات في تحريم القهوة، فاق عدد نظيرتها في تحريم الخمر ... وقد ظلت محرمة على مدى 200 عام بمصر، بل كانت عقوبة شاربها الإعدام لدى الدولة العثمانية خلال القرن السابع عشر..
الملفت للنظر، أن التحريم أسند بأحاديث نبوية اشهرها : " من شرب القهوة يحشر يوم القيامة ووجهه أسود من أسافل أوانيها"، علما - حسب كل المصادر التاريخية المتوفرة - أن القهوة لم تكن معروفة على عهد الرسول، ولم تعرفها جزيرة العرب إلا بداية القرن العاشر الهجري....
وستجد من أفتى بحرمة الطماطم عند دخولها أرض الشام نهاية القرن التاسع عشر، وأسماها :  "مؤخرة الشيطان"، والدراجة الهوائية : "حصان إبليس" حتى السروال، لم يسلم من التحريم بفتاوى شهيرة للشيخ الألباني، وكذلك التلفزيون والفضائيات : "قنوات الشيطان"  والالعاب الالكترونية ...
فتاوى كثيرة قيدت البشر والحجر، وحرمت كل شيء جد على العالم ابتداء بالسيارة وانتهاء بالأنترنيت، مرورا بحرمة العمليات الجراحية وحبوب منع الحمل ...
وآخرون يفتون بلباس سموه إسلامي رغم انه قادم من مناطق لم يزرها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعرفها حتى..
وحتى ايام غير بعيدة، يذكرها الكثير من المعاصرين، ألم يكن التعليم في غير دور القرآن محرما خلال القرن الماضي؟
أليس تعليم المرأة محرم إلى عهد قريب ؟...
الى متى يستمر هذا العته؟
متى يتوقف المعتوهون، الكهنوت المتألهون عن التحدث باسم الله ؟
متى يفسح المجال لعودة العقل والإنسان ؟