على باب الله

عرس الزين

المصطفى كنيت

ما أصعب أن تقع امرأة في حب رجل.

 الحب ليس عاطفة سمجة تنزل بالمحبين إلى الدرك الأسفل من النار، بل النفاق.

والحب لا يحلو إلا مع العناق.

ألم يغني  محمد عبدالوهاب وفيروز ونجاة الصغيرة:

لم أدرِ ما طيبُ العناق على الهوى ___ حتى ترفّق ساعدي فطواكِ

وتأوّدت أعطاف بانِكِ في يدي ___ واحمرّ من خَفَرَيْهِما خدّاكِ

ودخلت في ليلين فرعك والدجى ___ ولثمت كالصبح المنوّر فاكِ

و ما وقع لهاجر الريسوني، قد يقع لأية فتاة لأن  " دواء العشق الوصال".

و استبعد، شخصيا، النية المبيتة في هذه القضية، التي يقف وراءها "إخواني" قادم من السودان، التي تعيش على وقع سقوط نظام و بناء نظام جديد، اتفق أشقاؤنا السودانيون على تسميته بـ "الدولة المدنية".

لن أجازف بالقول، إنه أراد أن يعيش فتوحات مصطفى سعيد بطل " موسم الهجرة إلى الشمال" في فروج البريطانيات، بل قد يكون اعتقد أن الزواج لا يزال يتم بقراءة الفاتحة، كما يحدث في القرى الممتدة على ضفاف النيل، وعلى الذين يريدون التعمق في ذلك قراءة باقي روايات الكاتب الكبير الطيب صالح، وعلى رأسها " عرس الزين"، غير أن القانون لا يحمي المغفلين، حتى لو كان بنية ناس السودان الطيبين.

أما هاجر، فرصيد العائلة "الإخواني" لا يكفي لمنعها من الوقوع في الحب، وقد  " وقع الفأس في الرأس" و أراقت الدم على شرف العائلة المبني على الوعظ والإرشاد المسقي بمغرفة التطرف، الذي يفتي بهوى الشرق وأفكاره، وأمواله أيضا.

إنها أخطار التطرف.

 وعلى الذين يحمونه، أن يتحملوا العواقب.

لسنا هنا في موضع التذكير بالقانون ولا باجتهاد المجلس العلمي الأعلى، و لا بأسماء الذين تصدوا لأي اجتهاد في هذا الباب.

إنهم اليوم يلوذون بالصمت، تاركين هاجر تعد الأيام في الحبس.

إنهم يسكتون حين يتعلق الأمر بـ "الأخلاق"، التي يصنفوها إلى حميدة وسيئة.

 قد يبحثون عن فتوى كتلك التي أفتى بها موقع "اليوم 24" صنو " أخبار اليوم"، الذي كتب: " أن الزواج تم بالفاتحة". ومتى كانت قراءة الفاتحة توثيقا للزواج منذ إقرار مدونة  الأسرة التي تنص في فقرة الأولى من المادة 16 على أنه: "تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج"؟.

طبعا لن نتحدث عن مساطر إثبات الزواج، التي يحفظها القضاة والعدول على ظهر قلب، والتي منح لها المشرع زمنا مقيدا تم تمديده مرتين.

لقد أقر موقع "اليوم 24" بوجود هذه العلاقة، لكن،العذر الذي جاد به على القراء، أكبر من الزلة.

إنها زلة الإجهاض، الذي نفاه رغم أن ما كتبه الطبيب الذي أجرى الخبرة بناء على تعليمات النيابة العامة،  يثبت حدوث إجهاض، بدون حاجة إلى ملقط أو قفاز.

و  أعتقد أن لا أحد كان يود أن يكتب على هذا الملف، لكن الموقع أراد أن يزف للقراء خبر "الزواج" بالفاتحة، الذي لم يتم، وأن يقدم للقراء كل التفاصيل، بدون عذر، و أن يصعد بقضية عادية ينظر فيها القضاء إلى واجهة الأحداث، وأن يشحذ سكاكين التضامن لينحر  بها ما تبقى من شرف الفتاة.

هذه مجرد تفاصيل، لا يسكن فيها الشيطان، الذي زين لهم أعمالهم، فالإجهاض لا يحتاج إلى تأويل أو إلى فتوى الفقهاء.