قضايا

مكونات الأغلبية على مشارف 2021

بوسلهام عميمر

يرحم الله المتنبي لما قال: عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد..فهو يعلنها مدوية بتساؤله ما إن كانت عودة العيد فيها ما يستحق أن نفرح به ونستقبله بالأحضان، أم لا جديد تحت شمسه، ومن ثم لا يستحق أي ترحيب. بمعنى أوضح وجلي، لا مرحبا بك أيها العيد إذا لم تأت بجديد.

مما يدعو للغرابة أن الولاية المقبلة تفصلنا عنها سنوات بما تحبل به من انتظارات المواطنين والمواطنات في شتى المجالات، وطبول حرب الانتخابات تقرع في وقت مبكر على إجرائها.. والأغرب بين من؟ لو كانت بين الأغلبية والمعارضة لهان الأمر، بما أنه في كل الديمقراطيات الحكومة تقترح برنامجها وتعمل على تنزيله، والمعارضة تراقب وتنتقد وتستغل أي هفوة لتنزل بثقلها، سعيا منها إلى كشف عورتها أمام الرأي العام، ولديها من البدائل ما يؤهلها لتتولى السلطة في حال إسقاطها. أما والصراع على أشده بين قطبي مكونات الحكومة، مما لا وجود له ربما حتى في الديمقراطيات الجنينية، فهل بهذه اللخبطة باللعب على الحبلين، رجل في الأغلبية وأخرى في المعارضة، ستعود هذه الحكومة عموما والحزب المسير لها عند المواطن في الاستحقاقات المقبلة لتستجدي صوته؟.. بأي وجه تعود عنده؟ وبماذا ستقنعه لتنال صوته من جديد؟..الكل ينتقد الكل. فما الذي تبقى لها في جعبتها تَعِدُ به المواطن ليتعاطف معها؟.

ألم يمنح المواطنون الحزب المترئس للحكومة ما لم يمنحه لغيره من الأحزاب منذ الاستقلال، بتمكينه من ولايتين متتاليتين، في ظل دستور (2011) يخول صلاحيات واسعة لرئيسها مقارنة بما كان معمولا به في ظل الدساتير السابقة على عهد الوزراء الأولين؟ فما الذي تبقى للحزب الحاكم يناور به ليعاود الكرة من جديد خلال الاستحقاقات القادمة؟ هل يعود ومن معه من جديد بالوعود والبرامج على الورق بعد ولايتين لم يتحقق فيهما شيء يذكر؟ فأين محاربة الفساد، الشعار الذي ركب عليه الحزب ليصل إلى مرفأ السلطة؟ ألم يزدد الفساد إلا تغولا.. المواطن البسيط هو الذي يسقط صريعا تحت حوافره على أكثر من صعيد، وإلا لما كانت محاربته أحد المحاور الأساسية في جل الخطب الملكية منذ مدة.. أم هل يعود بما ألحقه رئيسه السابق وسار على نهجه رئيسه الحالي، بمئات الآلاف من الموظفين في ما سمي إصلاح أنظمة التقاعد، بدفعهم ليُؤدوا ظلما وعدوانا تكلفة سنوات من سوء التدبير والاختلاسات، بتمديد سن التقاعد، وذلك بالرفع من عدد الأيام المصرح بها خلال مدة العمل تقارب الألف يوم، وبالزيادة في نسبة المساهمة، والتقليص من نسبة الاستفادة، القانون الذي على خطورته لم يمرر سوى بـ27 صوتا، بإخراج مسرحي رديء، بامتناع البعض عن التصويت وانسحاب البعض بالغياب؛ فكانت أكبر مؤامرة ضد الطبقة العاملة، تؤدي اليوم ثمنها من حياتها ومن جيبها، لينعم هو بتقاعد لا ينعم به كبار المسؤولين، بله البسطاء ممن يعيشون على الكفاف.

أعتقد أن هذه الكارثة الاجتماعية كافية ليتوارى مهندسوها ومن سهر على تنفيذها عن الأنظار على الأقل حتى يندمل الجرح، اللهم إلا أذا اعتقدوا أن المغاربة لا ذاكرة لهم، يسهل عليهم استغفالهم والضحك على ذقونهم؟ أم هل يعود عند الطبقة العاملة بالاقتطاع من أجور المضربين التي يحسبها من مفاخره بدعوى العمل مقابل الأجر؟ فأين هذا المبدأ بخصوص ممثلي الأمة ممن يتولون التشريع لها؟ وما الذي حققوه بخصوص البطالة، وخاصة بطالة الشباب؟ وما الذي حققوه على مستوى الدخل الفردي؟ وما الذي حققوه على مستوى تمدرس الأطفال، والهدر المدرسي الذي يحصد مئات الآلاف سنويا؟ وما الذي حققوه على مستوى صحة المواطنين؟ وما الذي حققوه على مستوى المحروقات التي لا تدور رحاها سوى على المواطن البسيط؟.. ففي النهاية هو من يؤدي فاتورة أي زيادة في تنقله وفي معيشته وفي تمدرس أبنائه.

في الديمقراطيات الحقة، السياسي في حالة العودة عند الناخب يعود بما أنجزه على أرض الواقع وليس بالشعارات والوعود الزائفة ودغدغة العواطف والاختباء وراء الإكراهات.

* كاتب