رأي

مصطفى غلمان: نبيذ شعري من دالية العنب الفلسفي

نشر الشاعر والناقد  مصطفى الشليح على صفحته الخاصة بالفايس مقطعا من رأي الفيلسوف والروائي الفرنسي موريس بلانشو حول هوية الشاعر الفلسفية، وتعثرات الأخيرة أمام الشعر بصفته سؤالا يستعصي وينوء بحمل الأغلال.

كانت لا محالة إشارة فاغرة لمن يتأسس على أرض مشروعه الإبداعي لغة التفكير في الماهية الفلسفية وبها، ثم لا ينضج صوته أو تنثني متاهته في الاقتبال والمفارقة، على اعتبار الشعر فوق سؤال المعرفة، ودونها المشي على حبالها الدقيقة والغامضة!

لا أشك البتة في استثنائية آراء بلانشو وغرابتها، خصوصا ما يتعلق بسردياته الشعرية البليغة التي تعمد الى تخريب وتفكيك الثنائيات الـميتافيزيقية الثابتة التي تحتكم إليها الـمؤسّسات والتّمثلات العقلية والاجتماعية التي تعمل على صوغ الأدب في أحلام شـمولية أو تـخييلات تسطّر لنفسها خطًّا أحاديًّا متّزنًا غير قابل للرفض، وهو خط صار على نسقه جورج باتاي وجاك دريدا.

وهو نفسه الوشاح الذي تتعداه كتاباته ذات الحس الفانتازي الغريب، الغارق في السرد والسوداوية المفتوحة ، السابحة في بحبوحة الانفعال ومكامن السلبي التخريبي الذي تُمثِّله "كتابة الكارثة" بتعبير بلانشو ذاته.

كيف يكون حال الفيلسوف بلانشو في ذات النطاق الذي يفتك بصداقة الأدب ويجعله دوما قدرا عصيا على الإمساك بالمعنى. كما الكتابة الإبداعية منزلق فجائعي لتمريغ العزلة ورفضها.

2 - اهتمامي بالفلسفة يعمق رؤيتي الشعرية، بل ينحتها ويجعلها سؤالا لاكتشاف المعنى الانطولوجي ..

الشعر معترك غامر للتفكير الفلسفي. إنه يشحذ القول ويرفعه، كما تشحذ السيوف لجز الحتوف ..

يقول الشاعر والناقد الانجليزي صامويل تايلر كولردج أن الشاعر هو فيلسوف على نحو ضمني.

في حين ذهبت ماري شيللي إلى أن الشعراء فلاسفة بلغوا أسمى درجة من القوة و أن الشعر هو مركز كل معرفة و محيطها.

يستطيع الشاعر أن يسبر جوهر كينونته الشعرية، حيث يصبح السؤال البدهي في طريقة تفكيره واستنتاجاته جسرا لقطف عنب الفلسفة .. تلك التي تركض في دم شاربها وهي تختلط بنبيذ التيه ومفارقات الميتافيزيقا.

3 - قبل الختم :

" شعري أنا، هو شخصي. إنني شاعر بالنطفة. إنني، كذلك، وحدة كلمة وحياة. يستحيل أن يكون إنسان شاعراً ما لم تقم وحدة كلامه وحياته. لا أؤمن بشاعر حياته شيء وشعره شئ تتشكل على إثر ذلك الكتابة كجرح ذاتي عبره ينكشف للعالم، هذا عن الشعر" - أدونيس -