رأي

أصيلة ..وأنا

تلقيت استفساراً من صديق شارك  في فعاليات "موسم أصيلة الثقافي" عن سبب غيابي .

قلت : لم أتلق أصلاً  دعوة لأحضر أو أغيب.

احتفى "الموسم الثقافي" العام الماضي بمرور أربعة عقود على انطلاقه. وجه لي الصديق محمد بن عيسى دعوة للحضور. حيث كان يفترض إطلاق كتاب بالمناسبة، لكن تقرر إرجاء المشروع.

كانت لفتة لطيفة أن تكون إقامتي في الغرفة نفسها التي أعتاد أن يقيم فيها الصديق الأعز الطيب صالح ، كانت مناسبة لاستحضار الكثير من الذكريات ..والأحزان أيضاً.

قلت للصديق إن موقفي من "موسم أصيلة" لم يتغير قط، إذ واكبت كيف حولت "الثقافة" بلدة إلى مدينة لها إشعاع على مستوى العالم.

ظل محمد بن عيسى يقول لأهله في أصيلة إن المشروع من أجلهم. سيدركون ذلك بعد فترة . ويقول للمغاربة إن " الموسم" سيحقق الكثير للبلد" سيستوعبون ذلك أيضاً بعد فترة.

أقول وأكرر دائماً أن هناك نوعين من السياسيين الذين يريدون أن يكونوا شيئاً ما، والذين يريدون أن يفعلوا شيئاً ما.

أظن أن الصفتين تنطبقان على "عراب أصيلة" .

كثيرون مروا من أصيلة . تعرفوا على بعضهم بعضاً  في أصيلة. كثيرون ارتبطوا بأصيلة. كثيرون ارتبطت بهم أصيلة في علاقة نادرة بين المكان والزمان.

أحد أبرز الذين إرتبطوا ارتباطاً قوياً بمدينة أصيلة كان  طيبنا الصالح. يقول الرجل الاستثنائي  " هذه المدينة السحرية تغلغلت في كياني ولاشك أن الناس سيذكرون من بعد، عندما تنتهي رحلة الحياة أنني كنت أحد الذين ارتبطوا بها ".

 كل من جاء إلى أصيلة "عابراً " أو "مدمناً" خرج بهذا الإنطباع. كثيرون احتفت بهم أصيلة ، إحتفاء بلغ في بعض مراتبه حد التخليد . كثيرون إكتشفوا من خلال أصيلة أنفسهم في مرآة الآخرين .

بعض الذين مروا على أصيلة رحلوا لكن تركوا آثارهم.

مر على أصيلة لطفي الخولي  ما تزال أصداء كلماته ترن في أذني"لو تمسك العرب بفضيلة الحوار، لتغيرت أشياء كثيرة". ثم بما يشبه الوصية قال الخولي " ربما تكون القبيلة أدت دوراً في مرحلة معينة في تاريخنا العربي  لكن هذه القبيلة إذا استمرت فهي عقبة في سبيل التقدم ولذلك أحزابنا كلها قبائل دولنا كلها قبائل ..أرجوكم حاربوا نزعة القبيلة "

مر من أصيلة الروائي الفلسطيني أميل حبيبي . احتفى به الناس . قال حبيبي عن أصيلة " أعجبت كثيراً بهذه المدينة...تأخرت عليكم كثيراً ولا أعرف ما إذا كنت سأعود" .

منذ زيارته الأولى إرتبط الشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم بحلقات نقاش مع أبناء المدينة . كان صلاح كما هو عنوان مقالته  " جدير بالاحترام " . كان سودانياً حتى النخاع يحب وطنه حباً جارفاً.

أصيلة .. ثقافات وقصص وحكايات.