تحليل

على نادي القضاة الترافع حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن حماس الشباب

خالد خلقي*

مرة أخرى نجد أنفسنا كقضاة منتمين للودادية الحسنية باعتبارها أول جمعية مهنية ناضلت على مدى أكثر من 30 سنة من أجل الدفاع عن الوضعية المادية والمهنية للقضاة وحققت مكاسب مهمة لا يمكن إنكارها، مضطرين إلى التحذير من مغبة التعامل مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة للسادة القضاة بمقاربة يغلب عليها حماس الشباب يمكنها أن تؤثر بشكل سلبي على الصورة والمكانة الرمزية التي يحتلها القضاة داخل المجتمع.

لا يختلف اثنان على أن قضاة المغرب يجب أن يتم تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، بالنظر إلى الدور المحوري الذي يلعبونه في الدفاع عن الحقوق، وبالتالي استقرار البلاد دون أن يحظوا بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يستحقون. وقد مكنت النضالات الطويلة التي خاضها مسؤولو الودادية الحسنية للقضاة من خلال الحوار المستمر والمثمر والهادئ مع كافة الفرقاء وخاصة مع أعضاء السلطة التنفيذية باعتبارها المتحكمة في مفاتيح الأمور المالية المتعلقة بالقضاء في الوضع السابق، وبالسلطة القضائية بعد استقلالها من تحقيق مكاسب مهمة. الأكيد أن الطموح أكبر بكثير مما تحقق ويجب العمل بشكل أكثر من أجل الدفاع عن تحسين الأوضاع الاقتصادية للسادة القضاة العاملين بمختلف محاكم المملكة.

لكن الأكيد أيضا أنه يجب تفويت الفرصة على جميع المتربصين الذين يسعون إلى التشويش على التجربة الوليدة المتمثلة في استقلال السلطة القضائية التي لم يمض على تشكيل هياكلها إلا بضعة أشهر، لذى وجب على الجميع الوعي بحساسية المرحلة التاريخية التي تمر منها السلطة القضائية وذلك من خلال التعامل مع الملفات المطروحة والتي من أهمها تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسادة القضاة بكثير من الحكمة والكياسة، والابتعاد عن الحماس غير المدروس الذي من الممكن أن تكون له نتائج عكسية سلبية على السلطة القضائية الحديثة العهد بالاستقلال وعلى هيبة وصورة ومكانة السادة القضاة التي تبقى فوق أي اعتبار.

لقد دافعت الودادية عبر ثلاث عقود من خلال رجال شرفاء أخلصوا عملهم لله والوطن عن استقلالية القضاء وعن المصالح المادية والمعنوية والاعتبارية للسادة القضاة في نكران تام للذات والذين تنطبق عليهم الآية الكريمة (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) صدق الله العظيم.

ولم يسبق للودادية وأطرها ورجالاتها أن سجلت عليهم أية محاولة لتدنيس شرف البذلة، من خلال إقحامها في حسابات ضيقة ضد أي جهة كانت وهو ما مكنها حفظ المكانة الاعتبارية والوقار الذي يتمتع به السادة القضاة. ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن الودادية الحسنية للقضاة، اتخذت على عاتقها ومنذ تأسيسها، الدفاع عن استقلالية القضاة في أحكامهم وانتماءاتهم الجمعوية، وهي عازمة على السير على هذا المنوال رغم عمليات التشويش التي تجد مبررها في التوسع المستمر لقواعد الودادية الحسنية للقضاة وعودة كثير من السادة القضاة إلى أحضان الودادية بعد عدم اقتناعهم بتجارب أخرى.

وعملا بأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فإننا لا بد أن نحرص هنا على رفع أسمى عبارات الاحترام والتقدير والعرفان إلى السيد رئيس الودادية الحسنية للقضاة الأستاذ عبد الحق العياسي الذي بذل ويبذل الغالي والنفيس ويضحي بوقته وجهده وعلمه الغزير في سبيل خدمة الودادية والسادة القضاة المنتسبين إليها والقضاة عموما من خلال الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية وهي المجهودات التي أثمرت مجموعة من المكتسبات التي لمسها السادة القضاة خلال السنوات الماضية.

* رئيس المحكمة الابتدائية لسيدي بنور

 عضو الودادية الحسنية للقضاة