قضايا

علاقة معقدة

فاطمة الزهراء ازرويل

يبدو لي أن العلاقة بين المرأة والرجل من أعقد العلاقات الإنسانية، إن لم تكن أعقدها وأصعبها على الإدراك والفهم، تتداخل فيها عوامل موغلة في الذاتية، وحتى الجينية منها، وأخرى موضوعية، ومن تمّ، لكل منا حديقته السرية التي يحتفظ بها لنفسه، لكنّ " أسرارها" تنعكس على علاقته بالآخر سلبا أو إيجابا، وتملي عليه سلوكا معيّنا تجاهه.

والواقع أننا لا يمكن أن نتحدّث عن نمط أو أنماط العلاقات بين الجنسين راهنا، دون استحضار دور شبكات التواصل الاجتماعي التي غالبا ما ينسى المقبلون والمقبلات عليها، أنهم في عالم غير واقعي، بل افتراضي مباح ومستباح. وبالتالي، هناك مسافة كبيرة بين تلك النظرات العابرة التي كانت تتبادلها الفتاة مع ابن الجيران أو ابن الدرب، كما كان يحصل سابقا، وبين تلك النقرات التي تحوّل فضاءنا، الضيق جدا في حقيقته، إلى حدائق شاسعة متخيلة لتواصل وتبادل بدون رقيب.

أتذكر الآن شهادة شابة أوردتها في بحث نشرته عن " الوعي النسائي لدى الفتاة المغربية". يتعلق الأمر بفتاة كانت بالغة الجمال، نالت قسطا من التعليم، واشتغلت خادمة في أحد البيوت الكبرى بالدار البيضاء. كانت كلّ يوم أحد تقصد الشاطئ، ترتدي مايوها جميلا، وتمرح، وتلتقي بشبان تدعي أمامهم أنها موظفة.

ذات يوم، التقت شابا وسيما نال إعجابها بحق، أخبرها أنه يعمل في بنك، قضيا اليوم معا واتفقا على لقاء في نهاية الأسبوع التالي. استأنفت الفتاة عملها صباح يوم الإثنين كالعادة، لتعرف من حارس الفيلا أنّ " البلومبي" قد أتى لإصلاح العطب الحاصل في إحدى دورات المياه. فتحت الباب لتجد نفسها أمام الشاب وجها لوجه. لن أنساها وهي تقول لي بحسرة: " حتّى واحد فينا ما قْدرْ يهزّ عينيه في الآخر"... شكرا لمن توقف عند هذه الفسحة. صباحكن وصباحكم امل وسعادة متحررة من الأوهام.