سياسة واقتصاد

العثماني في ندوة مكافحة غسل الاموال... إحداث لجنة وطنية واقتراح استراتيجية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب

كفى بريس

قال رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني،  في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية حول موضوع "انعكاسات التقييم الوطني للمخاطر على منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. إن المملكة المغربية سبق لها أن خضعت للجولة الأولى من التقييم المتبادل سنة 2007، في الوقت الذي لم تكن تتوفر فيه بعد على قانون لمكافحة غسل الأموال ولم تكن قد أنشئت بعد وحدة معالجة المعلومات المالية.

وزاد العثماني في كلمته، إن بلادنا عرفت الجولة الثانية للتقييم المتبادل لمنظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ابتداء من شتنبر 2017، وامتدت إلى ما يناهز سنة ونصف حيث تمت مناقشة تقرير التقييم المتبادل الخاص بالمملكة المغربية خلال الاجتماع العام المنعقد ببيروت في نونبر 2018 وكذلك خلال الاجتماع العام المنعقد في أبريل 2019 بعمان والذي قام باعتماد هذا التقرير.

وفي هذا السياق، يقول العثماني في كلمته، "لقد تابعت باهتمام بالغ التعبئة الشاملة لجميع الإدارات والهيئات والمؤسسات المعنية ببلادنا من أجل إنجاح الجولة الثانية للتقييم المتبادل للمنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سواء قبل الزيارة الميدانية أو بعدها. وهنا أود التنويه والإشادة بالجهود التي بذلت من طرف وحدة معالجة المعلومات المالية وخاصة من طرف رئيسها، وكذلك من طرف الوفد المغربي الرفيع المستوى الذي شارك في جميع مراحل عملية التقييم وقدم جميع البيانات والتوضيحات والمستندات اللازمة لعكس الصورة الحقيقية للسياسات والاستراتيجيات والإجراءات المعتمدة من أجل تطوير منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب."

واكد رئيس الحكومة، أن مرجعيات العمل لدى مجموعة العمل المالي الدولية عرفت تطورا مهما خلال سنتي 2012 و2013، بالنظر إلى مراجعة التوصيات والمنهجية المعتمدة في التقييم، وذلك بالتركيز على الفعالية ودرجة الالتزام الفني وتقييم مدى تحقيق النتائج المباشرة.

ونوه العثماني، بالجهود التي بذلت منذ انطلاق هذا المشروع وخلال أوراش العمل التي تم تأطيرها من طرف البنك الدولي واجتماعات فرق العمل القطاعية المشكلة لهذا الغرض، حيث كانت بلادنا سباقة من بين دول المنطقة إلى إعداد التقرير الأول لتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي يعتبر حجر الأساس بالنسبة للمنظومة. كما لا يفوتني أن أتوجه بالشكر للبنك الدولي على المساعدة التقنية التي قدمها لبلادنا لإنجاز هذا المشروع. 

وذكر رئيس الحكومة، انه تم التأكيد في تصدير دستور المملكة لسنة 2011 على جعل الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تسمو على التشريعات الوطنية والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة.

وقال إن هذا المبدأ الدستوري يعتبر تعبيرا واضحا عن الإرادة الراسخة للمملكة المغربية لدعم الجهود الدولية خاصة في مجال محاربة الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها واحترام التزاماتها الدولية في هذا المجال.

وتكريسا لهذا الخيار الاستراتيجي يقول العثماني، فقد تمت ملاءمة التشريعات ذات الصلة بصفة منتظمة مع المواثيق والاتفاقيات الدولية، ونحن بصدد وضع اللمسات الاخيرة على مشروع قانون جديد لسد الثغرات وأوجه القصور التي تم تحديدها في تقرير التقييم المتبادل، حتى تكون القوانين الوطنية مطابقة للتوصيات الأربعين والمعايير المتفرعة عنها لمجموعة العمل المالي الدولية.

وأعلن رئيس الحكومة أنهم بصدد اعتماد تقرير التقييم الوطني للمخاطر وتعميمه رسميا على جميع أشخاص القانون العام والخاص المعنيين لاتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة من أجل الحد من هذه المخاطر والتحكم فيها، وفق خطة عمل محددة زمنيا.

كما كشف العثماني عن لجنة وطنية سيتم إحداثها، تتكون من جميع الإدارات والهيئات والمؤسسات المعنية، تناط بها مهمة تحديث وتحيين نتائج التقييم الوطني للمخاطر بشكل مستمر، واقتراح استراتيجية وطنية لمكافحة جرائم غسل الأموال والجرائم الأصلية والإرهاب وتمويله.

مؤكدا أن الهدف الأساسي من هذه الاستراتيجية هو تعزيز التنسيق والتعاون بين المصالح المعنية بما يضمن انسجام وانتقائية المشاريع والإجراءات التي يجب اتخاذها لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي هذا الإطار، أشار رئيس الحكومة، إلى كون المملكة المغربية اعتمدت عددا هاما من الاستراتيجيات القطاعية والتي ستشكل منطلقات الاستراتيجية الوطنية السالفة الذكر، ويمكن هنا أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر، الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله والاستراتيجية الخاصة بمحاربة الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية والاستراتيجية الخاصة بمكافحة الفساد والاستراتيجية الخاصة بمكافحة الهجرة السرية والاستراتيجية الخاصة بمكافحة الاتجار في البشر والاستراتيجية الخاصة بمراقبة المخاطر الشمولية للقطاع المالي بمختلف مكوناته، وتعزيز الشمول المالي وذلك بهدف تقوية صلابة النظام المالي ومناعته والحد من القطاع غير المهيكل.

ولفت العثماني إلى ان المغرب في مجال التعاون الدولي، كان دائما نموذجا للتنسيق وتبادل التجارب والخبرات والمعلومات مع البلدان الصديقة والشقيقة وكذلك مع المنظمات الجهوية والدولية ذات الصلة، سواء على الصعيد السياسي أو القضائي أو الأمني أو الاقتصادي أو المالي.

وإستحضر بهذا الخصوص، التوجيهات الملكية في الخطاب الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لثورة الملك والشعب في 20 غشت 2014، حيث أكد الملك محمد السادس، على أن اللحاق بركب الدول الصاعدة لن يتم إلا بمواصلة تحسين مناخ الأعمال، ولاسيما من خلال المضي قدما في إصلاح القضاء والإدارة، ومحاربة الفساد وجميع أشكال الجريمة المالية المنظمة.

واكد رئيس الحكومة، على الالتزام السياسي القوي والراسخ للرقي بمنظومتنا الوطنية وجعلها ملائمة للمعايير الدولية.

حيث انه في هذا الإطار، فقد تم اعتماد خطة عمل وطنية على المدى القصير والمتوسط تتوخى هدفين أساسيين هما العمل على الرفع من درجة الالتزام الفني وذلك عبر ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية والتدابير الإجرائية المصاحبة مع المعايير المعتمدة من طرف مجموعة العمل المالي الدولية، وكذلك تعزيز فعالية المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وهو مصدر أهمية موضوع هذه الندوة الوطنية ، المتمحور حول " انعكاسات التقييم الوطني للمخاطر على منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب" معبرا عن رجائه في أن تتمخض عنها اقتراحات وتوصيات من شأنها أن تغني خطة العمل السالفة الذكر.