فن وإعلام

المبدع المغربي .. المغيّب نصّا

إسماعيل علالي*

فاتحة الكلام

نستعير لسان شاعر الجماليات العليا عبد السلام بوحجر –رحمه الله- لنصور الإقصاء الممنهج الذي يتعرض له المبدع المغربي القمين بالتسمية، في شتى المجالات، وعدم احتفاء المكلفين بانتقاء النصوص بنصوص المبدعين المغاربة، وتغييبها قسرا، كي لا تجد مكانا لها في كتب الدرس وأغاني النصر وعيون السينما.

قال عبد السلام:

-1-

تُقصى

لأنكَ لا تُهيّئُ وصفةً شعريةً تحت الطلبْ... !

-2-

تُقصى

كما يُقصى حصان من مدارِ سباقِهِ قَسرًا...

كأنكَ لستَ روحا

لستَ عقلا

لست شخصَا...!

-3-

تُقصى

لأنكَ شاعر متوحد بضميره وخيالهِ

وغيابه وحضورهِ

رُوحًا ونصَّا...!.

مناسبة الكلام:

غرضنا ها هنا هو تنبيه الساهرين على وضع الامتحانات الوطنية والجهوية، وخاصة في التخصصات اللغوية والأدبية، ومادة الاجتماعيات، بسلك الثانوي التأهيلي والإعدادي، إلى ضرورة الاحتفاء بالنص المغربي والتعريف برجالاته ومطالبة المتعلمين باستكناه قيم النبوغ المغربي الثاوية فيه وتتبع أطوار الحركة العلمية بالمغرب.

إذ لا يخفى على المتابع لمنظومتنا التربوية أنها ابتليت بعدة آفات، منها آفة وضع الامتحان، حيث تفصح نماذج الامتحانات المقدمة للمتعلمين، وبخاصة في مواد اللغات – نصوص عربية، وفرنسية، وإنجليزية – عن خلوها من الحس الوطني، الذي قوامه التعريف برجالات الفكر والإبداع المغربيين الذين كتبوا بهذه اللغات.

ويكتفي كثير ممن تسند إليهم مهمة وضع الامتحانات بالنسخ والسلخ، فضلا عن التطبيع مع نصوص منقولة مكرورة والنسج على منوالها، ظنا من بعضهم أن إسناد مهمة وضع الامتحان هي بمثابة صخرة سيزيف ألقيت على كاهلهم عنوة، أو أن الإبداع لا يكون إلا مشرقيا؛ وبالتالي وجب التخلص منها بأيسر السبل، واختيار الطريق السهل في وضع النص موضوع الامتحان.

ولتفادي غياب فقه وضع الامتحان عند من أنيطت بهم مهمة وضع الامتحانات الوطنية والجهوية، الذين لا يبذلون مجهودا في التنقيب عن النصوص المغربية-المكتوبة باللغات المدرسة- وجعلها وسيطا بانيا للشخصية المغربية الحق التي تتميز بتعدد روافدها ووفرة رجالاتها الذين طارت شهرتهم في الناس كل مطار، وجدنا أنه من الواجب التنبيه إلى هذه الآفات ودعوة واضعي الامتحانات إلى استحضار المتعلم والوطن خلال انتقاء النصوص، والتشبع بما يلي:

أ* احتفوا بالثقافة والإبداع المغربيين.

ب*ضعوا نصوصا تقرب المتعلم من رجلات الفكر والأدب المغربيين.

ج* اجعلوا المتعلم يتشبع بقيم النبوغ المغربي، التي أفرزتها الحركة العلمية بالمغرب على مر العصور.

د* لا تبعثوا نصوصا مشرقية/ غربية فقدت راهنيتها وقتلت بحثا.

ه* لا تغيبوا نصوصا مغربية بانية بناء على موقف شخصي أو خلاف إيديولوجي مع الكاتب.

و* ابتعدوا عن آفة النسخ والسلخ واجترار الخطاب المكرور.

ز* عند وضع النص استحضروا عمر المتعلم ونفسيته، واجعلوا النص لذيذا ومفيدا وبانيا للكفايات المنصوص عليها.

ح* كونوا مغاربة أولا وأخيرا، كما كان رجالات العلم المغاربة الذين آمنوا بالوطن وضحوا بالغالي والنفيس لتحصينه والحفاظ على هويته الثقافية.

خاتمة الكلام:

إن دفاعنا عن النص/ المبدع المغربي ليس عنصرية كما قد يتوهم البعض، "فهل إذا توفر الطبيب للتخصص في بحث حول عضو من أعضاء الذات، نلمزه بالعنصرية إزاء الأعضاء الأخرى؟ وهل إذا قام رب الأسرة بكل ما تحتاج إليه أسرته بالإنفاق عليها وحدها، وبالدفاع عن حقوقها، وتحديد أملاكها الخاصة، يلمز بالعنصرية أيضا؟"1.

من هنا يتبين أن دعوتنا إلى الاحتفاء بالنص المغربي واعتماده عند الامتحان الغرض منها تنمية الحس الوطني لدى المتعلم المغربي، وتعريفه برجالات الإبداع في بلده، وبخاصة سلك الثانوي، لأننا نؤمن بأنه إذا تمثل تاريخ بلاده وأمجادها ورجالاتها فلا محالة سيتمثل إنتاج آخره –المشرقي والغربي- في محطة الطلب الجامعي وفق منطق يراعي فيه حدود الذات في علاقتها بالآخر.

*شاعر وناقد

1-سوس العالمة، محمد المختار السوسي