فن وإعلام

غصة الخذلان

عبد العزيز المنيعي

غصة الخذلان لا تبارح حلق الزميلة الصحافية نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ربيعة مالك، فقد توالت تدويناتها المعبرة، ببلاغة عن لحظة هبوط حاد في منسوب الالتزام بالمبادئ والديمقراطية والنزاهة و الشفافية التي على الجسم الصحافي أن يكون أول المؤمنين بها والمدافعين عنها والعاملين بها، والنقابة يجب أن تكون حصن هذه المبادئ ونبراس كل من تاه في ظلام المصالح.

ربيعة مالك عندما عاد بها الفيسبوك إلى لحظات عبرت قبل سنة، لحظات مخاض ولادة المجلس الوطني للصحافة، وجولات هنا وهناك وتعبئة الزملاء من كل حدب وصوب للدفاع عن "المشروع الإصلاحي و التجديدي والديمقراطي والنزيه"، للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وكله من أجل سواد عيون المجلس الوطني للصحافة.

كل تلك الجولات وتلك اللحظات المخضبة بالأمل في غد أفضل جعلت ربيعة مالك نائبة البقالي، تعض على النواجد وتتأكد أن تلك ما هي سوى مشاهد من تمثيلية قديمة ستكرر السيناريو العتيق نفسه، وستكرس الوضع نفسه، الزعامات الخالدة تريد تسليم المشعل لنفسها في شخص أسماء معينة هي نسخ "مستنسخة" منها.

ربيعة مالك التي قالت بحرقة في تدوينة نشرتها على حسابها في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، "وذكر بذكريات الفايس بوك"، عادت باللحظة إلى الامس "القريب كنا نطوف ونجول في المدن والمؤسسات الصحفية شمالا وجنوبا شرقا وغربا ونلتقي بالصحفيين في اطار الحملة الانتخابية للمجلس الوطني للصحافة ونروج لخطاب وحدة الصفوف ونعد بغد افضل وبنقابة ديمقراطية قوية  تتسع للجميع ومنفتحة على كل مكونات  الجسم الصحفي وتؤمن بتجديد النخب وقادرة على استيعاب  الشباب وكل التحولات التي يعرفها مجال الصحافة والاعلام..."

وهنا تأتي صفعة الواقع ومرارة المذاق الذي لا يمكن بلعه، فكل تلك العبارات الرنانة وتلك الوعود الضخمة وتلك المصافحات و الاتفاقات والآمال و الاحلام المشروعة... كانت مجرد "كلام إنتخابات"، كلام في صميم الحملة، كما يقول السياسي ويعد بالكثير و لا يفي سوى بما لذ وطاب لفائدته، كذلك فعل "الزملاء" في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، امتطوا صهوة المهنة، وتجولوا في بقاع الحلم الصحافي الشاسع، وبنوا لنفسهم "فيرمة" مريحة لما تبقى من زمن لديهم في دنيا "المعارك النقابية"، ومروا مرور الكرام على محطات من قبيل التجديد... التكافؤ... المساواة... والدفاع  عن بؤساء المهنة بالقانون وليس بلمسات الحنان المفبرك، وبالحماية من غدر المهنة و ليس بالوعود فقط..

اليوم تقف ربيعة مالك على عتبة "الطرشة" التي نالتها وهي كانت مخلصة النية للجسم الصحافي، وتتابع تدوينتها بالقول، "واليوم وبعد مرور سنة وتم احداث المجلس الوطني للصحافة بدعم قوي من الصحفيين  يتم التحضير للمؤتمر الوطني الثامن للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بمنهجية وعقلية  غريبة يسودها التكتم والحسابات الانتخابوية الضيقة  في تناقض تام مع خطاب الرقي والقيم النبيلة الذي خلق دينامية كبيرة  خلال  الحملة الانتخابية وفي غياب اية ارادة حقيقية للانفتاح على الجسم الصحفي وعلى جيل كامل من الصحفيين الشباب الفاعلين في الرأي العام .  عقلية هدفها الوحيد  هو ابقاء الوضع على هو عليه  ومراكمة المناصب  واعادة انتاج  نفس الممارسات والأزمات التي تعرفها  الاحزاب السياسية  وتحويل  النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي من المفترض ان تدافع عن حقوق الصحفيين وانشغالاتهم الحقيقية بكل استقلالية  وتجرد  الى  مجرد  ملحقة  ادارية  تابعة للمجلس الوطني للصحافة ."

بكل بساطة سقط بين يديها كما سقط بين يدي العديد ممن "عاقوا" بأن النقابة هي ذيل "...." لا يمكنه أن "ينعدل"، بكل بساطة الاعوجاج هو الذي يقوم حياتهم الخاصة ويحقق أحلامهم، فكيف لهم أن يقوموه ويصلحوا من شأن الديمقراطية في نقابة تريد الديمقراطية مجرد لافتة وشعار وترويسة تعتلي ايام المؤتمرات..