قضايا

"البام": بداية التيه...نهاية الغنيمة

المصطفى كنيت

في الساعات الأولى من صباح الأربعاء قرأت خبرا عن توزيع مناصري حكيم بنشماس الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة لـ  "أيپادات" و60 هاتفا ذكيا على منتسبي الحزب في الجهات بالإضافة إلى كراء سيارات  و30الف درهم مصاريف مختلفة من أجل تجييش الأعضاء على شبكات التواصل الاجتماعي.

في قرارة نفسي اعتبرت ما قرأته، مجرد "مزايدة" أو شيئا من هذا القبيل، لأن دماغي لم يصدق أن تنزل السياسة إلى هذا الدرك الأسفل من "الحضيض".

اعترف أنني لم أتعامل مهنيا مع ما قرأت، لأن القاعدة تقول إن "كل الأخبار تحتمل الصدق والكذب".

 فقد كان عليّ أن أتعامل مع الخبر بحياد تام، و هذا للأسف ما لم أفعل.

بعد ساعات قليلة، حين شرعت في تصفح صفحتى على "الفايسبوك"، توقفت عند تدوينة يقول صاحبها، الذي أعرفه:

" أول مرة كنسمع بنت الباشا الذي كان عميلا للاستعمار تنظر في الشرعية و النضال و الديمقراطية ...

حبيبتي هل تعلمين أن في الأمس القريب إلى كان جد ولد عم خالتك مقدم ديال الحومة كتحشم تاخد مداخلة في اجتماع مكتب فرع حزبي ...

#الشرعية".

فأدركت أن السلاح الذي وُزع بالأمس أُخرج من غمده اليوم، وشرع الذي تسلموا "البضاعة"، في إطلاق الرصاص، في محاولة لقتل الذين يعارضون استمرار بنشماس على رأس الأمانة العامة لـ "البام"، على الأقل في مواقع التواصل الاجتماعي.

و ليس مستبعدا أن تصيب الشطايا الأباء والأمهات والأولاد و العرض والشرف و الذمم والقيم وبصفة عامة الأخلاق... أليست السياسة أخلاق.

لقد جاءت التدوينة بتزامن مع البيان الذي أصدرته فاطمة الزهراء المنصوري، الذي لخصت فيه جزءا من مأساة "البام" في:

أولا:الصراعات على الزعامة بدون كفاءة في بعض الأحيان.

ثانيا: تجاوز الأجهزة حينما تكون الحسابات شخصية، وتصفية الحسابات التنظيمية بشكل غير أخلاقي.

ثالثا: مناقشة الأشخاص عوض مناقشة الأفكار و المشاريع، واللجوء إلى أساليب القذف و التشهير و التشويه و تبادل الاتهامات الرخيصة.

وهكذا عوض التسلح بالرزانة و النضج اللازمين لتدبير الأزمة،  و أن يجلس "الكبار" إلى طاولة الحوار، اختار فريق أن يسلم "الصغار" أسلحة تدمير ما تبقى من جسور "الثقة" بين أمين عام يريد أن يواصل مهمة الطرد من قمة رأس هرم الحزب: الأمانة العامة، و معارضين يريدون إسقاطه من فوق قمة حادة يبدو أنه أصبح يقف عليها برجل واحدة، ويكابر من أجل الحفاظ على التوازن.

لقد دخل "البام" مرحلة التيه، ليس التيه السياسي، ولكن الأخلاقي أيضا، بعد نهاية "الغنيمة"، وذلك عكس ما عنون  به الكاتب محمد الهرادي، بورتريا وضعه لوزير، لا ضرورة لإقحام اسمه في هذا السياق، في بداية التسعينيات من القرن الماضي، على صفحات جريدة "الموجة" لصاحبها عبد القادر الشاوي: " نهاية التيه .. بداية الغنيمة".