محمد بهضوض: دردشة رمضانية (17/30)

المجتمع (2/3)
***
الأسرة

الأسرة هي "الخلية الأولى للمجتمع". ذلك ما أشارت إليه الأساطير والكتب المقدسة بشأن قصة الخلق (آدم/حواء)، وتوقفت عنده البحوث العلمية والإجتماعية والانثربولوجية، بشكل أو آخر (نظرية التطور).

ودون تفصيل، يمكن القول إن الأسرة خضعت لتطور تاريخي طويل، انتقلت معه، عموما، من الجماعة الكبرى (العشيرة، القبيلة..)، إلى العائلة (الأسرة الممتدة)، فالأسرة النووية (رجل وامرأة وأطفال)، فالاسرة الحرة.

وهي في كل الأحوال،نظام. له قوانين وترتيبات ونتائج. اذ بواسطته تتم الترابطات الاجتماعية (الزواج، المصاهرات)، وتحدد الاصول والانساب (ذات الأبعاد الاجتماعية والسياسية)، ويعاد توزيع الأملاك والثروات.

ما دفع تدريجيا إلى بروز "سياسة للأسرة"، تختلف حسب الدول. لكنها تشمل عموما: تقنين عقد الزواج، والاعتراف الرسمي بالابناء ( الحالة المدنية)، وصرف التعويضات العائلية، و تقسيم الارث، وما إليه.

لكن المثير، حسب علماء الاجتماع، أن مؤسسة الأسرة لم تكن قائمة على "الحب"، تعلق الأمر بمسألة الزواج أو رعاية الأطفال. حيث تطور الحب في الحالتين مع تطور الأسرة النووية وحرية اختيار الزواج والأطفال.

بيد أن هذه الحرية صاحبتها ظواهر عدة مثل: ارتفاع نسبة الطلاق، وانخفاض المواليد، وانهيار سلطة الآباء، وبروز اشكال جديدة للأسرة (زواج المثليين أو السحاقيات)، والولادة الاصطناعية، وتأجير الرحم (..).

وإذا أضفنا إلى ذلك ما تعانيه أغلب الأسر في المجتمعات الإنسانية من صعوبات معيشية، تتضح مدى الإشكاليات، المادية والمعنوية، التي أضحت تحيط بالأسرة الحديثة وتساءل أدوارها، لا سيما في التنشئة الاجتماعية.

وهي إشكاليات تختلف حدتها، دون شك، بين الدول والمجتمعات. لكنها قائمة على كل حال، وتطرح اليوم تساؤلات كبرى حول مستقبل الأسرة، في ارتباط مع المجتمع.