رأي

إدريس الروخ: رسالتي في اليوم الوطني للمسرح بين السرير والتابوت

اليوم هل سنحتفل بالمسرح المغربي أم سنبكي رحيل أعمدته ...؟

اليوم رحل عنا مولاي عبد الله العمراني ..ليعطينا درسا في الحياة ...أليس الموت هو عنوان عريض لحياة الآخرين ...؟!؟؟

رحل في ذكرى احتفالية المسرحيين المغاربة باليوم الوطني للمسرح ..رحل ليوجه رسالة قوية للجميع مسؤولين ومهنيين ومبدعين ...يحذرنا بان الوضع الفني في المغربي مضطرب ..مكفهر ...غير قار ..ليس فيه ماييعث على الطمأنينة ..متحول ...متغير ...قد يطيح بك ولو كنت في اعلى القمة ..يبعثر أوراقك ...ويخذلك ...ويحط من قدرك ...

رحل ، كما رحل من قبله الكبار ...محمد بصطاوي ..محمد مجد ..حسن الصقلي ..الطيب الصديقي ...الطيب العلج ...خديجة جمال ...حبيبة المذكوري ...عبد الرزاق حكم ...حسن الجندي ...الخ

رحلوا..وكلهم كانوا يرسلون رسائل عن حياتهم وعن اوضاعهم ...اشتغلوا كثيرا ...ابدعوا ..قاوموا الفقر والجهل ..والظلم ..استمروا طويلا ..ثم في رمشة عين ..عندما انقلبت الحياة عليهم ..منهم من رحل في صمت ومنهم من أكله المرض ومنهم من أذلته الحاجة واردته جسذا ذابلا ..وشيء فشيء انتهت فصول مسرحيتهم وأغلقت الستائر وغادر الجمهور صالة العرض ..لم يجدوا الا الحقيقة وقسوتها أمامهم ..يقفون في الكواليس الخلفية ..يبكون حظهم ..ويتألمون ...يحترقون من الداخل ..حتى تطفأ شمعتهم..وينتهي كل شيء .

فكيف لي ان احتفل بيوم المسرح وانا منظفأ من الداخل ..بارد ..فارغ من كل الاحاسيس ...اشعر وكان كل الأحلام التي كانت نبراسا تنير طريقنا الى الأمام ..وتفتح قلوبنا على الأمل ..وتعبد مسالكنا الى التغيير ..لم تعد تأتينا في منامنا كما في يقظتنا ..هجرت رؤوسنا وقلوبنا ..وغابت عنا ..

الأحلام تحولت لكوابيس تزعجنا وتخيفنا ...بل وترهبنا..الكوابيس لم تعد حتى مثل  المشاهد  التراجيدية التي كنا نعشق تشخيصها لروعتها و لقدرتها على تطهيرها من الداخل ...كل الشخصيات التى قرأناها..او قمنا بتشريحها او شخصناها ...كانت تحدثنا عن زماننا وعما سيحل بنا .. ونحن لم نكن نحس آنذاك الا بنشوة الغوص في أعماقها ..تشيكوف كان يتحدث عن الاخر وعنا ..شيكسبير صعد إيقاع الخلل في مجتمعاتنا ...إبسن ..وبيكيت..وارابال..واونيل.. وكولتيز ...واخرون...هنا وهناك ..كانت كتاباتهم ..دليلا حقيقيا يسلط الضوء على مانعيشه الان من فقر في الأفكار وضعف في الإحساس ..ونكران الجميل .. .

اليوم ماذا سنقوله لجيل من الشباب يرغب في ان يركب المغامرة كما ركبناها ذات عام ..يودون العيش ب ومع المسرح ..جيل موهوب ...مبدع ...لديه الإمكانيات في ان يجعل الحلم حقيقة لا تخيف والكوابيس مجرد حالة نعيشها فوق الركح ..ماذا سنقول لجيل الطلبة والغيورين على فعل  الحركة .ماذا سنخبر جمهور المسرح الذي لا يزال يقاوم فعل الفرجة ...ويتمسك بخلق لحظات المتعة أينما  يجدها ..في صالات العرض القليلة والغير مجهزة ...

اننا اليوم نخلد ذكرى الامس وليس الغد...نخلد بأسى وحصرة المنجز من أعمال خالدة لفنانين فقدناهم ..ونذكر فقط باننا مجرد دمى وسط مسرح كبير تحركه أيادي غليظة تخيفنا ان نظرنا اليها قبل ان نتعرف على أصحابها ...اننا نرغب في ن نتحرر من كل الخيوط  التي  تشل حركتنا ..اننا نرغب في ان نكون فاعلين وغير مفعول بهم ..قادرين على جعل المسرح أمل ..وطوق نجاة ...ومركب يوصلنا لبر الإمان ..وليس سريرا في مستشفى بئيس او تابوتا ينهي كل أحلامنا.