قضايا

الزمن الجميل يحمل بلاغته ويرحل

عبد العزيز المنيعي

عزيز موهوب... المحجوب الراجي... عبد الله العمراني..

ثالوث الزمن الجميل المغربي يغادرنا، في توقيت متقارب جدا، لم يتركوا لنا فرصة لنداوي جراح الاول حتى لحق به الثاني و الثالث و"الله يحد الباس"..

الحديث عن غياب ممثلين كبار، هو حديث اولا عن قدر وعن طبيعة تغير أجيالها، لكن الفراق أصعب من أن يترك اللحظة تمر بسلام، الفراق يصنع اللوعة  الحزن والإشتياق، خاصة لمن عاشوا وتنفسوا معهم يومياتهم، وعرفوا كم كانوا رائعين محبين وصادقين.

الأن لا يمكن أن يمر أسبوع دون أن يكون فيه ذكرى لمبدع رحل، غادرنا وترك فينا محبته وإبداعه، لا يمكن أن تمر اليوميات دون أن تتذكر اسما كان يغمر الدنيا عطاء، وهو اليوم هناك ينتظر أن نذكره ونسترجع بعضا من نبضه ولو على شكل كلمات..

أمس و اول امس و قبل أسبوع و شهر و سنة عشنا رحيلا مؤلما لرواد الفن و الإبداع في المغرب و العالم العربي.

كما لو أن الساحة صارت خلاء... كما لو أن الشعر صار يتيما... كما لو أن الدراما و المسرح صارت في لحظة سواد لا تنيرها كل أضواء العالم.

كما لو أن الزمن الجميل ما عاد  وجوها نسترجع من خلالها تلك الجماليات الإبداعية في الشعر و السينما و التلفزيون و المسرح و الأغنية و الكتابة بكل تلويناتها. بل صار صورا و ذكريات و غيابا مؤلما، يمارس فيه الموت سنته الحياتية و سلطته الطبيعية.

فرسان الزمن الجميل المغربي كثر..

 أنهم جيش الزمن الجميل المغربي، الذي به حاربنا من اجل أن يكون لنا حضور في خارطة الدراما و المسرح و الفن بشكل عام..

تباعا رحلوا... هؤلاء الذي شكلوا دائرة البهاء الفرجوي الذي حملنا إلى أقصى الأحلام الوردية، و مكننا من تخطي يومياتنا و ترقب يوميات أخرى.

و كما قالت الراحلة فاتن حمامة في أحد حواراتها عن أيام السبعينات، كان الناس كلهم "ذوق و رقة" رغم فقرهم تجدهم أنيقين و طيبين.

أكيد أن اليوم لا يعني أن الناس ليسوا كما كان عليه أسلافهم. لكن اليوميات صارت جارحة و جارفة و موغلة التعقيد. ما عدنا نحس بذواتنا دون أن نختبئ خلف أكسسوارات التكنولوجيا. ما عدنا نعيش لحظتنا دون أن نرفقها بما تيسر من بهرجة.

هكذا... ينسحب الزمن الجميل من يومياتنا كما سننسحب من يوميات آخرين..