رأي

مريم عرجون: تعامل مع ربه كأنه يراه

كتب أحدهم يقول :

أنه في المسجد الذي يصلي في التراويح، يُصلي معهم شخص مُصاب بمتلازِمة (Down) وأنه لاحظ وجوده في الصفِ الأول، حتى اِعتاد علوّ صوته طوال الصلاة وأحيانًا يركع ويسجد دون الإمام.

وكان بعد كل مرّة يقول فيها الإمام : سمع الله لمن حمده، يجيب هوّ بمنتهى العفوية والبراءة : سامِعني يا رب!. وإذا ما سجدنا قال بعلو صوته: بحِبك يا رب.

يقول الرجل انتهت الصلاة ولم تنتهي حبات دموعي التي لم أستطِع إخفاءها، همس لي صديقي: ما بِك؟ فقُلت مُنكسِرًا: ستشعُر بخنوع حين تدرك معنى أن يعبد العبد ربّه كأنه يراه، وذاك الذي قلبه كأعشاش العصافير، وروحه كالأطفال بعفويتّه تعامل مع ربهِ وكأنّه يراه.

تأملت في الرجل الذي بكى وأجابته في المدى وقلت:

أصل الإيمان روح المتحدث الناظر للمحبوب.

فلماذا العجب مما هو الأصل.

وقد قال العارف بالله : الأصل أن تكون عبادتنا للخالق ونحن في مقام الإحسان، لكننا في حالات الإنغماس الكلي يصبح المقام أعلى، هو الشهود في القرب.وهو باب من أبواب الذوبان في العزة الربانية والفناء في مقام الحب. إنه حضور التجلي للقلب بالنور، والتمكين من الوصول بالحب.

 

أما عني، فأحبك ياربي كثيرا كثيرا. أقولها في السجود والخطوات والتقلبات

وكم من ليالي لعبت معه.

فمره يحملني بكفه المليئة بالضياء سامحا لي أن أبصر الأنوار والأكوان من عال وأنا أتدحرج وأركض في كنف نوره العظيم. ومره جعلني أتزحلق من أعلى كتفه إلى باطن كفه.كل هذا وأنا أضحك من الفرح.

وذات ليلة حملتني غيمة ناصعة البياض إلى خارج الأرض وما فوق السموات. هناك جلست على طرفها وأنا بين النجوم أتأمل أصدقائي وإخواني في النور الأول.

إنهم طائعون عابدون محبون دون كلل أو ملل.

الصفاء ولا شيء سوى الصفاء وكلهم سيرتهم الأولى.

فتبارك الله أحسن الخالقين.

أنا في جاهك وحماك يا رسول الله

صل عليك الله يا حبيب الله

مدد مدد يا نبي الله