محمد بهضوض: دردشة رمضانية (7/30)

التاريخ (1/3)
***
التاريخ

التاريخ هو "سجل الانسان"، أي جملة الأفكار والأحداث التي جرت في الماضي، وما فتىء يرويها ويحللها، المؤرخون (ات). وهذا بناء على شواهد (اركيولوجية، وثاءقية...)، ذات مصداقية، بشكل أو آخر.

لكن السؤال الذي كان -ومازال- مطروحا هنا هو: هل التاريخ "علم" أم "فن"؟ بمعنى، هل هو مجموعة حقائق نصل اليها بواسطة مناهج علمية دقيقة، أم هو مجموعة مرويات أو سرديات ذاتية بالضرورة عن الماضي.

المسألة فيها نظر. حيث يرى المؤرخون أن التاريخ علم ولا مجال لخلطه مع الروايات، الأسطورية أو الخرافية أو الذاتية (فن التاريخ). ما جعل بعضهم يتحدث عن "قوانين التاريخ"، بل و"فلسفات التاريخ".

الواقع، أنه اذا كان من الممكن أن تكون للتاريخ فلسفات (التاريخ دائري أو خطي..)، فمن الصعب أن تكون له قوانين: أولا، لأنه يتعلق بأفكار وأحداث البشر في الزمكان؛ وثانيا، لأن من يرويه ويحلله هم بشر أولا وأخيرا (المؤرخون).

ومهما يكن، فقد خضعت كتابة التاريخ إلى تطور، حيث فيما ركزت بداياتها الاولى على التاريخ العسكري والسياسي والديني، اهتمت لاحقا بالتاريخ الديبلوماسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي...، كي تصل الى التاريخ الفردي.

ما يفيد أن مجال الكتابة التاريخية ما فتئ يتوسع ويتنوع ويتدقق، كاشفا كل مرة عن أشياء جديدة في ارتباط مع تطور البحوث والأدلة العلمية. ما يجعل معارفه ليست جامدة أو ثابتة، وإنما متغيرة ومنفتحة دوما على المستقبل.

ومن هنا أوجه النقد التي تم توجيهها للتاريخ، ليس فقط باعتباره قابلا للتكذيب فحسب، ولكن باعتباره أيضا قابلا للتلاعب الإيديولوجي. وهذا على أساس أن التاريخ يكتب من الحاضر، ويخضع بالتالي لرهاناته واهواءه المختلفة.

ما يفيد أن "التاريخ حمال أوجه"، في النهاية، ولكل مؤرخ ما نوى!