محمد بهضوض: دردشة رمضانية (6/30)

الإنسان (3/3)
***
حقوق الانسان

اذا جاز اختزال المشروع المذكور للأنسنة في مفهوم واحد فهو، دون شك : "حقوق الانسان". وهو مفهوم حديث، تجسد لأول مرة في "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" سنة 1789 بفرنسا، وما لبث منذ وقتها يتطور.

وهو التطور الذي مر بثلاث مراحل، تم التعبير عنها ب. "أجيال الحقوق": الجيل الأول اهتم بالحريات السياسية والمدنية، والثاني بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والثالث بحقوق التنمية والبيئة والثقافة؛ والباقي على الطريق.

يبقى النص الأساس هو "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" الصادر سنة 1948، الذي يعتبر، عموما، أول وثيقة "كونية" تعترف بالحقوق الطبيعية للإنسان، بغض النظر عن دينه أو وطنه أو عرقه أو لونه أو جنسه.

وهذا اعتراف له أهميته القصوى. يجد جذوره التاريخية في كل تراث البشرية (الثقافات، الأديان..). لكن فضيلة الإعلان المذكور أنه جعل مبادءه أوضح، ما سهل تحولها إلى قوانين وإجراءات عملية لحماية الإنسان.

وهذا ما كان له، دون شك، آثارا إيجابية، تمثلت في تطور حرية التعبير والديموقراطية السياسية والحماية الاجتماعية...، ما أعطى للإنسان مكانة محترمة، تتفاوت نسبتها ، حسب درجة احترام كل دولة لهذه الحقوق.

بيد أن حقوق الانسان لم تخل من نقد أبرزه: اعتبار أن هذه الحقوق غربية المصدر، وأن الدول الغربية استغلتها للهيمنة على الشعوب، وأنها تعطي الأهمية للفرد على حساب الجماعة (نقد ماركس للحقوق البورجوازية) الخ.

يبقى الواقع، الذي ما فتئت تكشف عنه تقارير المنظمات الدولية لحقوق الانسان، والذي يقول إنه باستثناء دول قليلة (الدول الاسكندنافية)، فان احترام حقوق الإنسان يبدو متأرجحا بين عدم الاحترام والاحترام النسبي.

ما يفيد بأن حقوق الانسان تخضع، في النهاية، لجدلية المعنى والواقع.