رأي

عبد الرحيم الفارسي: سريران في غرفة نوم القائد

آه كم هي صعبة لما تدور الدوائر.
صباح اليوم قرأت أن الرئيس التونسي الفار عبر الطائرة، زين العابدين بن علي، أوصى بأن يوارى جثمانه الثرى في بلاد الحرمين الشريفين، محرِّما على عظامه أديم بلده تونس "ناكرة الخير".
بعد الاطاحة به عام 2011 قالت لي سيدة قتل ابنها برصاص الشرطة في مدينة القيروان التاريخية "إن بن علي قدم تونس كاملة مهرا لزوجته ليلى الطرابلسي".
هاهي تونس التي كادت تصير في فترة ما مِلْكا حصريا لبن علي وأصهاره آل الطرابلسي ونسيبه السابق صخر الماطري، قد ضاقت فلم يعد فيها قبر يؤوي رفاته.
في صيف عام 1998 أمر معمر القذافي معاونيه بتنظيم زيارة إلى بيته الذي قصفه الطيران الحربي الأمريكي عام 1986. كنت ضمن وفود مغاربية جاءت إلى عاصمة الجماهيرية لحضور المؤتمر التأسيسي للأحزاب والتنظيمات السياسية في بلدان المغرب الكبير. وكان معنا قياديون حزبيون من المغرب والجزائر وتونس وليبيا.
من بين المرافق التي زرناها في الإقامة التي دمرها الطيران الأمريكي، غرفة نوم العقيد، وكان فيها سريران كبيران. وبينما نحن نعاين ذلك، سمعت سيدة ذات صوت ذكوري، تقول:"بربي لماذا سريران؟ هل كان الأخ القائد ينام مع زوجتين أم ماذا؟".
اندهش الحاضرون لهذا الحديث في مكان يعج بالمسؤولين وعناصر المخابرات الليبية.
سينصرم ثلاثة عشر عاما بعد ذلك التاريخ، وسيموت من الناس من يموت على أسرَّتِهم، لكن القذافي لن يجد ولو سريرا واحدا يموت عليه، بل ستطلع روحه على ظهر سيارة كان يلهو فيها شباب ليبيون بجثمانه.
وظُهْرَ اليوم قضت محكمة البليدة، جنوب العاصمة الجزائرية، بوضع زعيمة سياسية  قيد الحبس الاحتياطي بشبهة "التآمر" على الدولة الجزائرية ضمن ملف يتابع فيه السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، والجنرال عثمان طرطاق الرئيس السابق لجهاز المخابرات، والجنرال محمد مدين الملقب بتوفيق، الرئيس الأسبق للجهاز ذاته.
السيدة اسمها لويزة حنُّون، الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري ذي التوجهات الشيوعية. وهي ذاتها صاحبة الصوت الذكوري الذي استنكر حيازة القذافي لسريرين في غرفة نومه بإقامته السابقة في معسكر باب العزيزية بطرابلس.
رغم توجهات حنون اليسارية، فقد بقيت على مدى عقدين من الزمن من داعمي الرئيس بوتفليقة، وفي السنوات الأخيرة أصبحت من المدافعين الشرسين عن الجنرال توفيق.
 دوارة دوائرك يا زمن، دوارة...