محمد بهضوض: دردشة رمضانية (4/30)

الإنسان (1/3)
****
الأصل

اكتشفنا في الحلقات الماضية أن الإنسان يفكر، ويسعى للمعرفة، ولفرض سلطته وحقيقته من خلالها على الآخر. لكن من هو هذا الإنسان أولا؟ ما أصله، وكيف تطور وبماذا يتميز في النهاية عن باقي المخلوقات؟

أسئلة ضخمة، أفرزت عموما ثلاثة أطروحات عن خلق الانسان: أطروحات أسطورية (قصص الأولين)، أطروحات دينية (احاديث الكتب المقدسة) أطروحات علمية (النظريات التاريخية والاركيولوجية والبيولوجية).

إذا تركنا جانبا الأطروحتين الأولى والثانية، نجد أن الأطروحة الثالثة تقول لنا: أن الكون عمره نحو 14 مليار سنة، وأن الحياة فوق الأرض عمرها نحو 4 مليار سنة، وأن الانسان الاول عمره نحو 2 مليون سنة.

بل، وأن الإنسان الذي انحدر من فصيلة القرود، كان هو بدوره عبارة عن فصائل انسانية مختلفة، لعل أبرزها فصيلة "الإنسان العاقل"، التي ظهرت منذ حوالي 300 الف سنة، وانتهت بالقضاء على كل الفصائل الأخرى.

هذا يفيد أن هذا الانسان، الذي هو نحن، كاءن حديث (عمره أقل من 0% من عمر الكون)، له خاصية العقل، أي التفكير، كما ذكر. وهي التي دفعته إلى ترويض الطبيعة، وصنع الحضارات التي نعرف.

لكن، هذا الذي جعله الله خليفته على الأرض أبى إلا أن يفسد فيها ويسفك الدماء، بل ويقترف جرائم ضد الإنسانية والطبيعة، باسم الله أو التقدم أو الحرية وما شابه. والسؤال هنا: ما مستقبل هذا الإنسان في ضوء ذلك؟
يصعب التكهن بذلك، حيث بدأنا نسمع اليوم، مثلا، عن "الإنسان الزائد" و"ما بعد الانسان" و"الإنسان الرقمي"، الخ. ما يشي بأن هناك محاولات ما، ربما، لتبديل هذا الإنسان بغيره، في "السليكون فالي" أو في السماء...

"وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم" (محمد/38)!