قضايا

إلى الذين يعتبرون "بيات ( هم) الشهري عبادة وتقربا إلى الله

خالدة ياسر

من يشترط علي إخفاء جسد ابنتي كي يستطيع هو الصيام في رمضان...هو نفسه ذاك الذي يقضي نهاره نائما...عاجزا عن مقاومة رغباته البيولوجية...ويعتبر "بياته" الشهري عبادة وتقربا إلى الله...

من ينسى بأن الفضاء العام هو مشترك دستوريا مناصفة بينه وبين ابنتي...وبان تحرشه بها جريمة يعاقب عليها القانون...هو نفسه ذاك الذي يقضي يومه غافيا فوق مكتب وظيفي...او متعللا بالصلاة وقراءة القرآن لإهمال مصالح الناس...

من يعطي نفسه حق مصادرة حرية ابنتي في طريقة لباسها والتعامل مع جسدها...بدعوى إثارة غرائزه...هو ذاك الذي يعطي الحق لأي لص في الشارع لمصادرة هاتفك بمجرد أن تقع عليه عينه...بدعوى إثارة غريزة السرقة لديه...واستفزاز فقره وحاجته...فهو مثله تماما عاجز عن السيطرة على انحرافاته...

من يعتبر جسد ابنتي مصيدة تجره الى الرذيلة...هو نفسه ذاك الذي لا يتورع عن إعادة بضاعة للبائع بعد استعمالها.. بهدف استبدالها على اساس انها غير مستعملة...ويحتفظ بمبلغ أعادته إليه عاملة الصندوق عن طريق الخطأ...وهو يعلم يقينا بأنها ستصرفه من جيبها الخاص...وهو صائم..

من يحاصر حق ابنتي في التواجد في الفضاء العام بحريتها...هو نفسه ذاك الذي يبدأ يوم صيامه بإلقاء نفاياته المنزلية امام ابواب الجيران...وشتم سائق الطاكسي الذي يرفض ان يوصله قبل الراكب المتواجد قبله..بدعوى تأخره عن العمل بعد قيام الليل...وتبادل السباب القبيح مع بائع السمك الذي يرفض ان يخفض له من الثمن...

إنها منظومة مترابطة من السلوكيات البسيكوباتية...التي صارت هوسا جماعيا...هوس التنافس على من فينا الأشطر...ليسبق الى القعر...وهوس البحث عن قربان لرذائلنا...وقد كان القربان دوما...وعبر الازمان..وإن اختلفت السياقات...هو بناتنا وفتياتنا...الحلقة الاضعف..