رأي

سعيد بلفقير: ليفربول.. حالة بين الحرب و الكرة

بعد مباراة لا تتكرر دائما، وبعد أن جفت دموع الفرح في عيون عشاق الريدز، وبعد تلاشي الغصة من حلق كل برشلوني عاشق للبلاوغرانا، لا يمكن الحديث عن ميسي، ليس لأنه أخلف الموعد، لكن لأنه هناك في مكانه القصي، أسطورة لا تحتاج مزيد حبر للثناء عليه، ولأن ميسي لن يكون دائما طوق النجاة لفريق لذغ من الجحر مرتين.

الحديث لا يستقيم إلا عن ليفربول، فريق قدم كل معاني الحياة في مباراة لكرة القدم، أما أمير أمسية الريمونتادا فهو بدون أدنى شك المدرب يورغن كلوب، خبير الألغام في مجال الكرة.

رجل من زمن آخر، يحب التجارب، ويؤمن بأن الكرة ليست مجرد رياضة، بل حياة تعيش صاحبها وتسكنه.

عندما تتأمل وقفة كلوب، نظرته القلقة الباحثة عن أجوبة، وعندما تتأمل شراسة اللاعبين دون تحديد اسم بينهم، فإنك ترى تلك الفوضى الجميلة، ذلك الحلم الذي قيل عنه قبل أسبوع إنه مستحيل، ترى رجالا يلعبون لأنفسهم، فالأمر بالنسبة لهم بات شخصيا ويمسهم في العمق، ترى تلك المتعة الطفولية تخفيها ملامح قاسية تريد أن تكون لأن الأسماء بلا معنى ما دام الكيان ممتدا ويكبر عند كل عثرة وبكبر أضعافا مع الكبار.

بعد أن تهدأ الأمور، وتلتقط أنفاسك، ستدرك أنك خدعت تماما، وكنت ضحية لكرة القدم الفاتنة، وأن الأمر لم يكن أبدا يتعلق بمباراة في كرة القدم بل هو أشبه بلعبة شطرنج بين كلوب وفالفيردي، هي فعلا كذلك.

تخيل رجلين يجلسان على طرفي رقعة شطرنج، وسط شارع مزدحم بالعابرين، الكل يصرخ ويهتف ويسب ويلعن وهما هادئان تماما، أو يبدوان كذلك.. فجأة يقفز صاحب القبعة بينهما فرحا ويقلب رقعة الشطرنج فتتناثر القطع السوداء والبيضاء. هكذا هي الفوضى حين تلبس ثوب الجمال.

لن تمشي أبدا وحيدا، لم تكن أبدا هذه الكلمات بهذا الجمال منذ ملحمة اسطمبول، جمال مُعد يجعلنا نقف احتراما ونصفق لأنفسنا لأننا اخترنا الأماكن المناسبة لمتابعة العرض.