رأي

صلاح الوديع: لسْنَا نساءً، يا سَعْدَنَا... !

سيدي الكاتب العام،

قرأنا في الصحافة ثم سمعنا على الفيديو الرسمي (د 27) الذي نقل خطابكم إلى المواطنين المتحلقين في الصفوف قبل انطلاق مسيرة الأمس - وقد كنتُ بينهم بالبيضاء - سمعنا أنك ترفض خلال المفاوضات مع الحكومة أن تكون امرأة... أو كما قلت، أن تكونوا "مراوات".

قلتَها وكأنك تدفع عنك تهمة لا تليق بك، وكأن كون المَرْءِ امرأةً سبةٌ ما بعدها سبة... يا للأسف! ويا للعجب ! ويا للكارثة... !

قلتَ ذلك وأنت تعلمُ أن خلفك على المنصة نساء مناضلات، لم تسعفهن سرعة البديهة للانسحاب غضبا وهزءا ومرارة، ويا ليتهن فعلنَ، رفقا بوجدانهن وتضامنا مع بنات جنسهن...

يا للأسف.

لأنك لو تواضعتَ وتكرَّمتَ وقبلتَ أن تكون امرأةً لهمسنا في أذنك اسما من الاسماء المضيئة في سمائنا ممن عليك أن تحاول أن تشبهها - شرفا - في كل فضاءات البذل والنموذجية والإبداع : ثريا الشاوي أو مليكة الفاسي أو فاطمة المرنيسي أو آسية الوديع أو الشيخة خربوشة أو أسماء لمرابط أو سعيدة المنبهي أو جميلة السيوري أو عائشة الشنا أو زليخة نصري أو ليلى أبو زيد أو "أمي فاما" أو لطيفة اجبابدي أو السيدة الحرة أو فاطمة الفهرية أو الكاهنة دحية أو نوال المتوكل أو ثريا ماجدولين أو زهور العلوي أو كنزة الأوْربية أو وفاء العمراني أو أمينة بوعياش أو مليكة العاصمي أو الأميرة عائشة أو فاتحة مرشيد أو ثريا السقاط أو نزهة بيدوان أو الشعبية طلال أو كوثر حافيظي (عالمة الفيزياء في أمريكا) أو عزيزة جلال أو زينب النفزاوية أو خناثة بنونة أو بهيجة إدريس أو أمينة رشيد أو لطيفة بناني سميرس أو حبيبة المذكوري أو إيطو الزيانية أو فاطمة تزوت أو خديجة المذكوري أو بديعة ونزهة الصقلي أو نجاة فالو بلقاسم أو خديجة عريب أو حكيمة حكميش أو فوزية العسولي أو سمية جسوس نعمان أو حورية التازي صادق أو ليلى الشاوني أو أمينة المريني أو مليكة الناصري أو خديجة الركاني أو زهور الحر وغيرهن كثير كثير مع الاعتذار لكل من لم تذكر أسماؤهن في هذا الجرد السريع الذي لن يستطيع استيعاب كل الغنى النسائي في البلد ..

يا ليتك قبلتَ،

لكنتَ مثل أيقونات العمل والكدح اليومي اللواتي يُعِلنَ عائلات بأكملها من شغلهن في معامل التكستيل، أو قاطفات التوت في ضيعات إسبانيا أو عاملات النظافة اللواتي يستفقن قبل الفجر كل يوم من أجل تنظيف المكاتب ثم يِؤُبْنَ إل بيوتهن مساء ليحضرن الحساء العائلي البسيط،

يا ليتك قبلت حتى تحظى بكل هذا الشرف،

لكنتَ أي امرأة مناضلة في نفس النقابة منذ إنشائها، مثل ثريا لحرش أو سعيدة واعد أو حبيبة الزاهي ...

ولو تفضلت فسألت َلكنتَ علمتَ أن أعلى معدل عام في اختبارات البكالوريا لسنة 2017، على المستوى الوطني وفي التعليم العمومي في مسلك العلوم الفيزيائية، حصلت عليه التلميذة إيمان الطويل بمعدل 19.31 على 20. ولكنتَ علمت بالتميز الواضح للإناث وطنيا إذ من بين الأربعين الأوائل وطنيا، نجد 32 تلميذة ...

لكنك تأبى إلا أن تحتفظ بكل الرجولة...

قد تكون هذه زلةَ لسان لكنها في الواقع، معبرة أصدق التعبير عما نحن عليه...

إنها حقيقة الفكر الذي يعشش فينا والذي لم نتجاوزه بعد والذي يشدنا شدا إلى الوراء.

فليس غريبا ولا صدفة ً أن تظهر في نفس اليوم في مسيرة عمالية أخرى لافتات تتقدم "مجموعات الرقية الشرعية والحجامة"، يا للكارثة...

فهنيئا لنا بالرجولة وهنيئا لنا بإنقاذنا للشرف وهنيئا لنا بكوننا لم نسقط في فخ أن نصبح "مراوات"، يا للمذلة...