قضايا

المال السائب في تعاضدية الموظفين..

عبد العزيز المنيعي

التساؤلات التي طرحها متتبعون لمصير التعاقد مع متقاعدين، بالتعاضدية العامة، يكشف الوجه البشع لإستغلال المال العام، في تحقيق المآرب الذاتية، وتمتيع ذوي القربى من عشيرة المصالح و المنافع، بمناصب لا قبل لهم بها لا من حيث الكفاءة ولا من حيث الجدوى والضرورة أيضا.

الوجه الاخر لهذه التساؤلات، انها كشفت عن مآل ملايين المال العام، ومصيرها الذي انتهى في حسابات بنكية شخصية لمنتفعين، لا إضافة لهم للتعاضدية العامة على المستوى المهني والإداري سوى ارتباطهم بعبد المولى الذي يمكن الإصطلاح عليه "بمول التعاضدية"، مثل "مول الشركة أو المحلبة أو الحانوت"، فهو يصول ويجول في مال "عباد الله" كيفما شاءت له رغباته وأحلامه.

وتعود تفاصيل الواقعة التي تجاوزت الفضيحة، لتصبح كارثة حقيقية، عندما مدد عبد المولى، لمتقاعدين مشهود لهم بعدم الكفاءة ولا تكوين لديهم ولا تخصصات تحتاجها التعاضدية.

من هنا بدأ تبديد المال العام، في تعويضات سمينة قدرت ب 14 ألف درهم شهريا، دون إحتساب المنح الخاصة، ودون احتساب أيضا الإعفاء من الضريبة، الذي هو تهرب ضريبي، بحكم أن تلك التعويضات غير مصرح بها.

المتتبعون الذين يعضون على النواجد، من جراء استفحال هذه المصيبة، اكدوا أن معاينة مفتشية الشغل الاثنين 29 ابريل 2019 لمقرات عمل هؤلاء المتقاعدين بمختلف مصالح التعاضدية العامة، أثبتت بجلاء ان عبد المولى أغرق المؤسسة في بحر ظلمات الكوارث المالية التي لا شاطئ لها.

لقد أصاب عبد المولى التعاضدية و خزينة الدولة في مقتل، يمكن اختصار الأضرار التي ألحق بها في:

الضرر الاول، صرف معاشات لمدة تتراوح ما بين  ثلاتة وخمسة سنوات من طرف الصندوف الوطني للضمان الاجتماعي دون موجب حق لهؤلاء المتعاقدين، مع العلم ان التعاضدية العامة  تصرف اجورا لهم  بالموازاة مع تقاضيهم للمعاشات وهو ما يعتبر اختلاسا عن طريق التحايل .

الضرر الثاني، أن تلك التعويضات السمينة امر عبد المولى بصرفها للمتقاعدين، دون التصريح بها، مخافة توقيف معاشاتهم، وتمتيعهم بتعويض عن المسؤولية شهري ناهيك عن صرف منح دورية أيضا، في مخالفة واضحة للقانون.

الضرر الثالث، هو تعرض خزينة الدولة بفعل التهرب الضريبي لهؤلاء المتقاعدين حيث انهم يتقاضون اجورا  ومعاشات لم تطبق عليها، بشكل صحيح، قاعدة احتساب الضريبة العامة على الدخل .

وكخاتمة مؤقتة لهذه المصيبة، نورد بعضا من الخروقات القانونية، والمقتضيات القانونية المنظمة لمدونة الشغل، وخاصة المادة 526 منها، إضافة إلى نظام المستخدمين، الذي يفرض موافقة وزير الشغل على التمديد لأي مستخدم بلغ سن التقاعد شريطة ان يتوفر على كفاءات وتخصصات لا تتوفر في سوق الشغل، وهو لا يتوفر في الممدد لهم من طرف عبد المولى.

المتتبعون الذين صدمهم هول ما اكتشفوا، تأكدوا من أن عبد المولى ضغط نهاية 2013 من اجل التمديد لبعض  الذين يشاركونه في نهب المال العام، و الذين تورطوا معه في التزوير والاختلاس والنصب والتحرش بالمستخدمات وهو الأمر الذي أثارته المفتشية العامة للمالية في تقريرها الاخير والذي تضمن أسماء بعضهم ومن بينهم (ب.ج) و(إ.ع)، هؤلاء الذين احتفى بهم التقرير، تطرق بشكل موسع لمستواهم التعليمي الضعيف  الذي لا يتعدى المستوى الاعدادي وكذلك إيلاءهم مسؤولية مصالح ادارية لا يسمح لا القانون ولا كفاءتهم و لا مستواهم  بإيلائهم اياها..

إلى هنا يبقى السؤال الذي يريد إجابة عاجلة، هو متى يحين الوقت لوضع حد لمثل هذه الممارسات والعلاقات المشبوهة  والضرر المالي الذي يعد بملايين الدراهم  الدي تكبدته التعاضدية العامة..