عبد السلام الموساوي: بلال التليدي ؛ تهافت ” عبدة ” بنكيران

1-التليدي تلميذ ” المدرسة البوعشرينية ”

التليدي يستبلد المغاربة ، يكذب عليهم ويعتبرهم بدون وعي ولا ذاكرة ؛ يشوه الحقائق ويؤول تاريخ الاتحاد الاشتراكي تأويلا سيئا ، تأويلا قذرا ؛ انها عقدة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التي ترقد تاريخيا في قوى الظلام والتخلف ، قوى المحافظة والمتاجرة بالدين والوطن …ترقد حينا وتستيقظ عند كل مبادرة جريئة لحزب الوردة ، كما هو الحال اليوم مع التليدي وأسياده…
عبد منبطح …براح بدون منازع …يتوهم الصواب ملء ” قلمه ” …انه خريج ” المدرسة الفضائحية ” لبوعشرين التي تاجرت ، في زمن البلوكاح البنكيراني ، بمفاهيم ” ثقيلة ” : هذا تحكم ، هذه انتكاسة ، هذا إغلاق للقوس ، هذا انقلاب على الشرعية ، هذا تركيع للبيجيدي ، هذا مخطط مخزني ، هذه مؤامرة …وغير ذلك مما سار على سبيل هذا النوع من المفاهيم الفضفاضة المبنية للمجهول ، المحبوكة بأصابع متشابهة تتقن التقلاز من جيب السروال وليس من تحت الجلابة . واليوم يستظل التليدي – تلميذ بوعشرين بالمجاهد عبد الرحمان اليوسفي ليتحدث عن القوة الثالثة ، يوظف رمز اتحاديا اسطوريا للإساءة الى الاتحاد الاشتراكي ، متناسيا أن البيجيدي شكلت مكونا اساسيا للقوة الثالثة التي اجهضت ” المنهجية الديموقراطية ” !
قد نقبل أن يكون بلال التليدي من المؤلفة جيوبهم ، شريكا إعلاميا للقوى اللاديموقراطية ، وناطقا رسميا فوق العادة باسم مافيا مقاومة التغيير ..وقد نقبل تطليقه لكرامة الصحفي النزيه والمستقل مقابل مكاسب ومغانم لا تعد ولا تحصى..وقد نقبل اغتصابه لشروط المهنية وتسخير ” قلمه ” للهجوم الشرس والوقح على الاتحاد الاشتراكي…وقد نقبل أن تتحول معه الصحافة الى سخافة …قد نقبل هذا ونقبل الكثير من الخبث الذي تضمنته كل “كتاباته ” ، لأننا نعلم ، وهو يعلم اكثر منا ، انه ضعيف امام المال والامتيازات، لهذا يكتب تحت الطلب ، والإغراءات تبرر الاملاءات….ولكن لن نقبل اطلاقا ، الان وغدا ، لن نقبل ان يمس التليدي ، بتفاهاته و هلوساته ، قدسية النضال وعظمة صناع التاريخ…لن نقبل منه ان يدخل بنجاسته وانتهازيته معبدا لا يدخله الا المطهرون…لن نقبل ان يمس الاتحاد الاشتراكي..مدرسة السياسة والاخلاق..نضالات بطولية وتضحيات اسطورية..مواقف شجاعة وجريئة…مدرسة الشهامة والمروءة..مدرسة الرفعة والسمو..منها تخرج ومازال وسيزال..تخرج أكفأ وانزه الاطر المغربية…أطر مواطنة وطنية…الاتحاد الاشتراكي هو الذي واجه الرصاص في زمن الجحيم وهو يبني المغرب في زمن الانتقال والتحول ؛ الزمن الذي أسسته حكومة التناوب وجذره وأكده الملك الحداثي محمد السادس ؛ قاطرة القوى الحية الديموقراطية ببلادنا….
لماذا تحاسبون التليدي على عدائه للاتحاد الاشتراكي ؟!! وهو الذي حول كتاباته في جريدة صاحب الفضائح الجنسية ، لحائط مبكى يرثي فيه أمجاد الاتحاد الغابرة ويسيل الدمع الحزين على ايام النضال ، وأيام الرجال وأيام الابطال ، ويذكر المغاربة بالاتحاد الذي كان…كان حزبا قويا بزعماء كبار شامخين ، وبقامات سياسية عملاقة ، وبهامات حزبية سامقة لا يمكن لذاكرة المغاربة ان تنساها…
من حق التليدي ومن حق كل المتباكين على الاتحاد ان يسيلوا كل هاته الدموع..ومن حق التليدي ومن أمامه والاصح من خلفه ، ان يروا أن الاتحاد تبدل وان الاتحاد تغير…و.. شيء واحد ليس من حق التليدي والمتباكين نسيانه ، انه وحينما كان الاتحاد اتحادا مثلما يقولون اليوم ، كانوا هم يفضلون الاعتكاف في المنازل ، وقراءة الورد ليل نهار ، واداء الصلاة خفية ، والتستر على كل العلاقات .. ايامها كانوا يقولون عن الاتحاد انت حزب ( الملحدين واليساريين الضالين والعلمانيين الملعونين باذن الله تعالى ) ، وكانوا يعتقدون ان ( التعاون ) ضد الاتحاد مشروع وشرعي ، بل هو وجه من اوجه نصرة الله تعالى !!!
2- التليدي في خدمة الإخوانية
حزب العدالة والتنمية حزب صنع في دهاليز الإدارة ، خصوصا إدارة الداخلية في عهد ادريس البصري ، صنع لمحاصرة الاحزاب الديموقراطية الحداثية ، من خلال التشكيك في مشاريعها وأطرها ، والصاق تهم الزندقة والكفر والالحاد بكل مناضل يساري ، ديموقراطي وحداثي …
في ظروف تاريخية عسيرة شجعت الدولة ” الإسلام السياسي ” في لبوسه الدعوي والحزبي ، ووفرت له شروط الاشتغال والانتشار بهدف مواجهة اليسار الديموقراطي …واستغل الإسلاميون ” للتسرطن ” في المجتمع …وستتنبه الدولة الى خطر هؤلاء مع أحداث الدار البيضاء المؤلمة في 16 ماي. 2002 ; فتبين لها انها تحصد ما زرعت …ان اليسار كان يؤطر الجماهير لتفجر حناجرها في التظاهرات الاحتجاجية ، اما الإسلاميون فيدجنون هذه الجماهير لتفجر اجسادها …
لقد تبين ان الاسلاميين تيار يسكن في المغرب لكنه يقيم روحيا في جغرافيا مفترضة هي إقامة الدولة الدينية في المغرب ، أي الطريق إلى اخونة العالم .
واذا كانت حركة التوحيد والإصلاح تقدم نفسها باعتبارها ثمرة اجتهادات الحركة الاسلامية المغربية ، ونتيجة التجاوب بين اجتهادات الاسلاميين المغاربة واخوانهم في الشرق ، وبرغم ذلك فإنها تؤكد على ” مسافة تنظيمية من حركة الاخوان المسلمين ” ، وكذلك على مسافة من بعض اجتهادات هذه الحركة .
اذا ما دققنا النظر في هذا القول على ضوء تاريخ الكيانين وهيكلتهما التنظيمية ، وكذلك على ضوء تقييم فترة ممارستها للحكم من خلال حزب العدالة والتنمية في المغرب ( نونبر 2012 الى الان ) وحزب الحرية والعدالة في مصر ( يونيو 2012 الى الى يوليوز 2013 ) ، فسنجد أن هناك تماثلا بين الكيانين لا يخرج عن الإطار العام الذي رسمه حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين في الثلث الأول من القرن العشرين .
3- آمنة ماء العينين عرت رأس العدالة والتنمية
اعتنق العدالة والتنمية ، منذ نيله الشرعية وانخراطه في العمل السياسي داخل المؤسسات بفضل الراحل عبد الكريم الخطيب ، وبفضل الراحل الآخر ادريس البصري ، شعار الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا وشعار كل الشعبويين في العالم كله ” كلهم فاسدون ” او ” Tous pourris ” وظل يقول لقواعده والمتعاطفين معه ان كل الاحزاب المغربية الأخرى مليئة بالمنافقين واللصوص والفاسدين والذين يملؤون بطونهم بمال الفقراء ، والذين لا يراعون الله ولا يريدون دخول الجنة ابدا ولا يكترثون بالشعب المغربي اطلاقا .
دخل الحزب معمعة العمل الحكومي والبرلماني ، وشرع في اكتشاف ملذات الحياة ، وفجأة وجد المغاربة انفسهم امام زعيمه بنكيران وهو يمتشق المعاش تلو المعاش ، ويرفض التخلي عن المناصب الدنيوية الزائلة ، أو التي كان يصفها بأنها زائلة ، ويجلس في الدار يراقب الفيسبوك ولايفاته ، ويطلق من خلاله رصاص الرحمة على نفسه اولا ، وعلى حزبه ثانيا ، وعلى عديد الشعارات التي أمطر بها الناس هو ورفاقه ، أو لنقل اخوانه ، في الحزب سابقا على امتداد عديد السنوات .
امنة ماء العينين لم تزل السترة عن رأسها فقط في باريس ذات نزوة ليست عابرة . آمنة ماء العينين عرت رأس العدالة والتنمية ، وقالت لنا جميعا بصريح العبارة ان السياسة سياسة وان الدين دين ، وأن الجمع بينهما لأجل نيل المناصب البرلمانية او الوزارية عيب كبير وخطير . تحية لامنة ماء العينين.
4- التليدي والتباكي على ” المنهجية الديموقراطية ”
تذكير لا بد منه
ان كل متتبع للخطاب السياسي ببلادنا ، لا بد وأن يخرج بخلاصة سياسية ودالة ، مفادها أن كل الساسة والمحللين والإعلاميين والمعلقين السياسيين لم ولن يستطيعوا الخروج من الخطاب السياسي الاتحادي ومن النسق المفاهيمي الاتحادي ؛ يفكرون ويتكلمون لغة اتحادية ، حتى وإن كانوا يفتقدون إلى الشجاعة الأدبية والنزاهة الأخلاقية التي تجعلهم يرتقون الى نبل الاعتراف بابداعات ومبادرات الاتحاد الاشتراكي فكرا وممارسة …بل آنذل من هذا ، هناك من يعمل على قرصنة خطاب ومفاهيم الاتحاد الاشتراكي ، ومنهم من يحاول ان يوهمنا بأنه منتج هذه الأطروحات السياسية بعد أن يتم افراغها من حمولتها وتوظيفها خارج السياق ….
لا احد يجادل ، الان وغدا ، يجادل بأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ناضل وعمل من أجل الارتقاء بالسياسة ، خطابا وممارسة وتنظيما ، وأغنى الحقل السياسي بأدبيات سياسية رفيعة ومفاهيم دقيقة ومعبرة ،…مفاهيم ارتقت بالخطاب السياسي ببلادنا ، من خسة الألفاظ الغارقة في الشعبوية الى رفعة المصطلحات المؤسسة على التفكير العلمي والفلسفي …
ان الخطاب السياسي الاتحادي يتم إنتاجه داخل اللغة العالمة والمنهجية علمية …ومنذ البداية ، عمل الاتحاد الاشتراكي على تأصيل الخطاب وتجديده ، وإنتاج المفاهيم واغنائها ، في تفاعل جدلي مع التحولاتالسياسية والمجتمعية التي تعرفها بلادنا …في هذا الإطار يتأطر مفهوم ” المنهجية الديموقراطية ”
” فهل يحق لمن كان أداة من أدوات القوة الثالثة في الخروج عن المنهجية الديموقراطية ، سنة 2002 ، ان يدعي الاحتضان للمنهجية الديموقراطية نفسها ؟
)….( للذين يتباكون على المنهجية الديموقراطية ، نقول : كان لديكم 42 مقعدا في تلك السنة المشؤومة ، وكان لكم موقف دفع في اتجاه التأزيم ، وتوحيد اليمين ، الذي يحن الى تعطيل المنهجية الديموقراطية وسيادة صناديق الاقتراع . (…) رغم كل ما حدث ، حصل الاتحاد الاشتراكي على اكبر عدد من الأصوات ومن المقاعد ، فقد عمل حزب العدالة والتنمية ، ” حزب تأمين الخروج عن المنهجية الديموقراطية ” ، على تصريف موقف التعطيل من خلال تشكيل تحالف ثلاثي اصدر البيان ” التاريخي ” في التهديد بالدخول في أزمة سياسية !!! مع حزبي الاستقلال والحركة الشعبية ، إذا ما تم تعيين اليوسفي ، أي بلغة أخرى ، إذا ما تم احترام المنهجية الديموقراطية !!!
(…)هل ينكر النائمون الجدد على المنهجية الديموقراطية المكرسة دستوريا منذ ذلك الوقت ، الانقلاب على مبدعها السياسي ، بلغ حد شيطنة اليوسفي وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، المدافع الوحيد – وقتها – عن المنهجية الديموقراطية …وتحويل الموقف المبدئي من القضية النسائية الى ” فتنة ” مجتمعية …” usfp . ma 20 ابريل
5- الاتحاد الاشتراكي هو الحل
لا احد الان وغدا ، يجادل في ان هذا الزمن السياسي ، ومن قبل …ومن قبل قبل …ومن بعد …ومن بعد بعد …هو زمن الاتحاد الاشتراكي بامتياز سياسي واستحقاق فكري …
الاتحاد الاشتراكي انعش المشهد السياسي ببلادنا ، وأخرجه من الجمود والرتابة …أعطى للسياسة معنى …انتفض على السبات والاتكالية …على العبث الذي يتهدد مستقبل الديموقراطية ببلادنا …
أكد الاتحاد الاشتراكي ، مرة أخرى ، انه ليس حزبا مناسباتيا …ليس حزبا ميتا ينبعث او يبعث في موسم الانتخابات …حزب حي في التاريخ بل التاريخ حي به …حزب النضال المستمر …حضور فاعل في كل زمان ومكان ..
حزب استثنائي ، امن واختار في مؤتمر استثنائي الاختيار الصعب والصحيح …حزب استثنائي ، كان وما زال وسيبقى يمارس السياسة بأخلاق ووطنية …بشكل مختلف عن كل الاحزاب …الديموقراطية منهج وهدف وليست مجرد انتخابات …
والاتحاد الاشتراكي الذي قهر سنوات الرصاص لن تزعجه ألاعيب الصبيان وهرطقات التليدي ، والكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي لن تشغله سفاسف الاشباح …انه منشغل بعظائم الأمور …انه صاحب قضية …