فن وإعلام

"هلا مدريد..فيسكا بارصا" ملاحظات أولية بعد العرض الأول بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة

عبدالإله الجوهري
ويستمر الحلم في صناعة سينما تلبي رغبات الجمهور الواسع في فرجة ذكية نقية ملؤها المشاعر الطيبة النبيلة، و في نفس الآن فرجة تستجيب لطموحات النقاد والمثقفين، ليجدوا أنفسهم فيها، وفي أبعادها الفنية والتقنية والفكرية، ويعيشوا في عوالمها السحرية المنتزعة من واقع الضنك والعيش كما اتفق. 
الفيلم عرض بمدينة طنجة، في إطار فعاليات الدورة 20 للمهرجان الوطني، عرض كان مناسبة لجس النبض، ومعرفة ردود الأفعال، والخروج بخلاصات عامة وخاصة، من أجل تصحيح ما يمكن تصحيحه، وتقويم الهنات التي يمكن أن يبديها الأصدقاء والأعزاء، من رجال ونساء السينما والنقد  والإعلام. 
بعيدا عن الملاحظات العامة، التي جاءت فجة صادرة عن ذوات مريضة، جراء عقد النقص والإحساس بالفشل في الفن والحياة، وفهم سقيم مليء بثغرات كالحة سوداء، ومقاربة بسيطة للعمل، مقاربة تهدف إلى إبداء ملاحظات بكل استعلاء ووثوقية مآفونة، وثوقية الفهم المحكوم في غالب الأحيان بالروح الأمارة بالسوء والجهل المبين، فإن ملاحظات أخرى، جاءت من نقاد وأصدقاء وزملاء، أحبهم وأقدرهم وأعرف حسن نواياهم، أسعدتني و نبهتني لما يمكن إعادة النظر فيه، خاصة وأن هناك إمكانيات متوفرة للتطوير والتقويم، بفضل دعم منتجي الفيلم السيدة ابتهاج المرغادي والسيد محمد حسن الشاوي، ولعل من أهمها على الإطلاق، ضرورة التفكير في نهاية الفيلم، بما يجعل الخطاب يبتعد عن المباشرة، مباشرة قد تعجب الجمهور الواسع، لكنها في حقيقة الأمر لا تخدم الخطاب السينمائي، وتبتعد به عن مساحات اللغة السينمائية الحقة، الخطاب الذي يجب أن يقوم بالأساس على التلميح لا التوضيح، وعلى الترميز لا التوجيه، الذي يعتبر المتفرج قاصر بحاجة للشرح والتفسير، أو السعي لمده بنهاية سعيدة تدغدغ جوارحه، وتطهر قلبه من أدران الوقت، كما تفعل الأفلام التجارية. 
ثانيا: ضرورة العمل على إعادة تصحيح الألوان، بما يتوافق وجماليات الفيلم وأجوائه العامة المنذورة للفراغ والجهل ولتسلط، في فضاءات فقيرة قاحلة مفتوحة على كل الإحتمالات.
ثالثا: التقليل من هيمنة الموسيقى في بعض المشاهد(أساسا في مشهدين)، علما أن الموسيقى الموظفة في الفيلم، التي وضعها الفنان عادل عيسى بكل اقتدار، جاءت متناغمة إلى حد بعيد مع موضوعات الشريط، حيث المزج بين الموسيقى الشعبية المغربية والموسيقى الإسبانية بتلاوينها التراثية المختلفة و الأهازيج والشعارات الكروية لجماهير الريال والبارصا.
. أما غير ذلك، الفيلم جاء جد معبر عن واقع مغربي يتعرض للتهجين والتدجين، من خلال أفيون الشعوب التاريخي، الذي حدده ماركس في الدين، وأفيون العصر الحالي المتمثل في كرة القدم، وبين هذا وذاك ألاعيب السياسة الساعية إلى الحجر على المواطنين البسطاء وتحويلهم إلى قطيع يسير في اتجاه واحد.