فن وإعلام

جديد الطاهر الطويل... "مرايا النفس المهشمة: قراءة في رواية خطبة الوداع لعبد الحي مودن"

كفى بريس

نزل إلى المكتبات المغربية، حديثا، كتاب "مرايا النفس المهشمة" الصادر عن "مكتبة سلمى الثقافية" بمدينة تطوان، لمؤلفه الكاتب والناقد والإعلامي الطاهر الطويل.

يقترح المؤلف مقاربة شاملة لمكونات الخطاب الروائي لنص الأديب عبد الحي مودن "خطبة الوداع" الصادر سنة 2003 عن دار أبي رقراق، وذلك بعد رواية "فراق في طنجة" للمؤلف نفسه والصادرة سنة 1996 عن دار الرابطة.

ومما يثير الانتباه أن الطويل حاول ــ في دراسته هذه ــ اعتماد منهج يقوم على استلهام معطيات السرديات وكذلك السيموطيقا ونظرية التلقي، دون أن ينسى استحضار المقولات الكبرى للتحليل النفسي في دراسة الشخصيات الروائية، معتمدا في ذلك على مراجع أساسية عربية وغربية ذات قيمة أكاديمية كبرى.

يمكن أن يُطلق على "خطبة الوداع" رواية المكان، باعتبارها تستنطق فضاء مفعما بالدلالات والرموز والدلالات، إنه مدينة القنيطرة في فترة زمنية تمتد من أواسط الستينيات حتى نهاية التسعينيات، حيث يلتقي المتخيّـل بالواقعي في إطار شعرية للسرد محكمة العناصر، تنضح بعشق ثاو يسكن مؤلف الرواية تجاه تلك المدينة.

من جانب آخر، تندرج رواية "خطبة الوداع" ضمن الأعمال الأدبية التي استلهمت جانبا من الذاكرة الجماعية المغربية، عبر المساهمة في التناول الإبداعي لما يُطلق عليه "سنوات الجمر والرصاص"؛ وهو ما سعى الدارس الطاهر الطويل إلى سبر أغواره وثناياه عبر رصد معاناة إحدى شخصيات رواية عبد الحي مودن مع الاعتقال والتعذيب والمطاردة والاختفاء، نتيجة التشبع بأفكار تمردية.

يبحث مؤلف الكتاب كثيرا في أسلوبية الرواية موضوع التحليل، ويغوص في ثنايا خطابها وتمفصلاتها الأساسية والتي تدخل في علاقة جدلية تجاه الثالوث المحرم: الدين، السياسة، الجنس. ليختم دراسته باقتراح رؤى تأويلية للرواية، بحثا عن ظلال المعنى. ومن ثم، نكون بإزاء دراسة يمكن أن تستهوي القارئ العادي بجانب المتخصص، لكونها تتجنب الغوص في التباسات المصطلحات وتعقيداتها، رغم الصرامة النقدية التي تفرضها مثل هذه المقاربات لعالم الرواية المليء بالألغاز وعناصر التشويق والالتباس.