نجاة بلهادي بوعبدلاوي: حب_خارج_قانون_الزمن

لم أكن أتوقع أن أراك بعد كل، تلك السنوات، لقد ابتعد كل منا عن الأخر، وابتعدت المسافات حتى أصبح كل منا لا يعلم شيء عن الأخر، لم أحاول البحث عنك ولم تحاول الوصول إلي، كأننا كنا ننتظر ذلك الرحيل وتلك المسافات لنبتعد عن بعضنا...
كان أغرب رحيل ...رحيل الحب نعم.... فقد افترقا لأن كل منا لم يحتمل ذاك الحب الجارف الذي احتل كيانه، ربما لو التقيا في وقت أخر كانت اكتملت تلك الحكاية ولكن لا نختار متى يحتلنا الحب، كان أول لقاء لنا عفوي ... غريب انجذب كل منا للأخر رغم وجود الكثير من المدعوين في تلك الحفلة..
كيف لأطراف الحديث أن تتجاذب ببساطة بين غريبان؟ وكيف للحوار  أن يتصل ويمتد بسلاسة؟ لا أعلم إلى الآن كيف حدث ذلك؟ وكيف امتد الوصال بينا، كل ما أعلمه بأنه كان حديث عام بين أكثر من شخص انتهى بحديث بيننا طويل، وتوالت اللقاءات دون ترتيب، وكان كل منا يقترب من الأخر دون أن يشعر، وبعد كل تلك السنوات لا أعلم كيف استطاع أن يداعب مشاعري في زمن لم يعد للمشاعر مكان، ولكنه كان الرجل الوحيد الذي استطاع أن يأسرني، دائما ما كنت أراه مختلف عن كل من مر بحياتي، كان رجل تستمتع معه بالحياة ويمنحك الدهشة، لديه القدرة على فتح نوافذ الحياة من حولك لتطل على عالم مُدهش ... مختلف كان يعاملني بحرص ..فكنت أشعر بخوفه علي واهتمامه بي
ابتسمت بالرغم من مرور السنوات إلا أني مازالت عندما أذكرك أبتسم....
عن ماذا أحكي لك يا عزيزي، هل أحكي لك عن تلك اللمعة التي تضئ عيوني عندما كنت معك؟ أم عن تلك الطفلة التي تقفز من داخلي حين تمسك يدك، أم عن ضحكاتي وأنا معك
سأحكى لك عن ذاكرة الأماكن التي ضمتنا معا، ستحكى لك الجدران عن حنينها لحكايات كنت ترويها لها، ستحكى لك عن عدد المرات التي جئتها بمفردي أجلس مع طيف لن يعود سأحكى لك عن أعوام مضت لن تعود، سأحكى لك عن مجهول أصبح يسكن عيناي، عن ضحكه ضاعت وضلت طريقها للحياة، كل تلك المشاعر تضاربت حين التقينا من جديد، لا تعلم بماذا شعرت حين تركت كفى في يدك
مجرد ثواني كانت كافيه لأعود  لسنوات بعيدة لم أعد أعلم عددها، أتعلم بأن كل الأشياء الصغيرة التي لم نفعلها معا كانت تشتاق لك، هل الخوف من موت الحب هو ما جعلني أهرب منك وأرحل بعيدا عنك أم هو القدر، أدرك جيدا بأنني واقعة تحت تأثير لحظة الحنين، كنت أضعف من أن أخوض تجربه حب، أضعف من أن أتوقع فشلي وخسارتك فخسرتك حتى لا أفقدك، الفراغ بعد رحيلك أصبح قاتلا رغم كل محاولاتي لأن أملئه ولكن دائما ما كان كل شيء بدونك فراغ يمتص الروح، كان يزحف كل مساء ويقترب كوحش خرافي يأتي من بعيد وكلما اقترب كلما ارتجفت خوفا منه..
أمسيات كثيرة أمضيتها أقاومه ومع الوقت استسلمت له لذاك الفراغ الكبير الذي تلاشى بداخلي أصبحت جزء منه.... تلاشيت فيه..حاولت كثيرا التمسك بأشياء أحبها حين أكون وحدي، حاولت كثيرا حتى لا اغرق بعيدا عن عالمي فانا اعلم جيدا بأنه لن يكون هناك أحد لينقذني من الغرق كنت اختبئ خلف مقطوعة موسيقية ..... أرحل مع كتاب ......أغرق في أحداث فيلم سينمائي، وأحتمى بضحكات متناثرة من الأصدقاء في أمسيات بعيدة، وفى النهاية كنت أغرق في الكتابة، أتعلم كتبت كثيرا في السنوات الماضية، الآلاف من الأوراق ...كلمات وكلمات، كانت بيتي ووطني وحنيني
فقدت اهتمامي وإيماني بالبشر، فقدت إيماني بكلماتي فأخفيتها عن العيون، ومضت الأيام وتباعدت نوبات الحنين
تباعدت رسائلي لك، قررت أن أستسلم لقراري في الابتعاد والرحيل عنك، حملت كل رسائلي إليك وصورنا معا وكل ذكريات كانت لنا ووضعتها في صندوق خشبي وأخفيتها في غرفتي السرية ونهضت حتى لا أعود لك من جديد، وكان علي أن اعترف قبل أن أغلق الصندوق بأنني لم أحب سوى مرة واحدة وكنت أنت الرجل الوحيد الذي استطاع أن يحرك قلبي ويجعلني اعترف بحبه، كان ذلك من أروع ما حدث لي في عمري، الوقوع في حبك هو قدري وأمنياتي وأحلامي التي ما كنت اعلم عنها شيء، وأغلقت الصندوق الخشبي لسنوات طويلة ومضت الحياة بكل تفاصيلها، وبعد سنوات طويلة اكتشفت بأنني ما زلت أحبك وبأن حبك كان معي ورفيقي طوال تلك السنوات التي كان كل منا في طريق يمضى وحيدا
هل يتغير الحب ويختلف حين نكبر، هل يتغير حين نلتقي من جديد، ربما نصبح أكثر يقينا بحبنا أو كفرا...أو أكثر إيمانا بصدق حدسنا، وأكثر صدقا مع أنفسنا، وأكثر شجاعة لنعترف بالحب ونستسلم له...نعم مع الوقت والسنوات والرحيل والعودة يتغير الحب وتتغير الأشياء، وتقل الكلمات ..... ونُكمل الجملة صمتا، ونتبادل الحديث بكلمات مقتضبة ولكنها وافيه...كان حبك الأول معجزتي الصغيرة، وحبك من جديد هو حقيقتي الوحيدة ويقيني الذي لم يعد فيه شك
علينا البدء في تقبل الحقيقة التي فرضتها علينا الأيام
علينا الاستسلام لقدر لا نعلم إلى أين سيأخذنا
لماذا عدت الآن...
أكنت تعلم بأنني هناك أم انه من جديد القدر يقرر خطاوينا
كان لقاءنا الأول قدر ورحيلنا اختيار
ولقاءنا الثاني كان أيضا قدر فهل سنرحل من جديد اختيار
أليس من الغريب أن نلتقي من جديد
للحكايات القديمة سحرها
المحبة التي تأتى على حين غفلة منا..
لهفه اللقاء القدري وشوق السلام الأول بعد السنين
المشاعر الصادقة يتكفل الزمن والوقت بتعتيقها كقارورة عطر يفوح عبيرها بمجرد الاقتراب منها أو لمسها
خادعة السنوات يا عزيزي حين نلتقي من جديد
نظرة واحدة كفيله أن تعيدك سنوات طويلة ....تسمع ذات اللحن وتشعر بذات المشاعر
رحيلي عنك كان رحيل عن كل ما أحبه وكل من أُحبه
امشي في مدينه العمر وحدي من سنوات
أتشاركني الطريق هذه المرة أم أننا لا زلنا في منتصف المسافة بين مشاعرنا وقدرنا
تُرانا نستطيع ألا نكون عابرين تلك المرة ونلتقي من جديد
أيمكننا أن نعود من بداية الحكاية لنكملها أم أننا سنصنع بداية جديدة من حيث كان اللقاء الثاني
أتعلم لا أريد أجوبه عن أي سؤال
كل ما أريده أن تضمني بين ذراعيك وفقط.....